ذكروا عن عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه أنّه قال : إذا توجّه أهل الجنّة عرضت لهم عينان ، فاغتسلوا في إحداهما ، فجرت عليهم نضرة النعيم ، ثمّ يشربون من الأخرى فيخرج ما في بطونهم من أذى وقذى وغلّ. فإذا جاءوا إلى منازلهم تلقّتهم الملائكة وقالت لهم : (سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ) (٧٣) [الزمر : ٧٣]. وبعضهم يقول : فيخرج ما في بطونهم من أذى وقذى أو غلّ وغشّ.
ذكر بعضهم عن عليّ في قوله : (وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍ) قال : منهم عثمان بن مظعون (١) وطلحة والزبير.
قال : (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ) : وقد فسّرنا الأنهار من قبل هذا الموضع. (وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا :) أي للإيمان (وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللهُ) : أي لم نكن لنهتدي له لو لا أن هدانا الله. (لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ :) أي في الدنيا. (وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (٤٣) : أي على قدر أعمالكم.
ذكروا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : الدرجة في الجنّة فوق الدرجة كما بين السماء والأرض. وإنّ العبد من أهل الجنّة ليرفع بصره فيلمع له برق يكاد يخطف بصره فيقول : ما هذا؟ فيقال : هذا نور أخيك فلان. فيقول أخي فلان! كنّا نعمل في الدنيا وقد فضّل عليّ هكذا! فيقال له : إنّه كان أحسن منك عملا (٢).
__________________
(١) كذا في المخطوطات الأربع : ق ، ع ، د ، وج : «عثمان بن مظعون». وهو خطأ ولا شكّ ، صوابه عثمان بن عفّان ؛ فإنّ عثمان بن مظعون الصحابيّ الجليل توفّي بعد غزوة بدر بإجماع الرواة ، وقبّل رسول الله صلىاللهعليهوسلم بين عينيه بعد أن غسل وكفن ، فلمّا دفن قال : «نعم السلف هو لنا عثمان بن مظعون» ؛ فلم يشترك إذن عثمان بن مظعون في الفتنة وإنّما المقصود من قول عليّ هنا بعض جلّة الصحابة الذين أدركتهم الفتن. واستظهرت هذا ممّا أخرجه الطبريّ في تفسيره ج ١٢ ص ٤٣٨ عن قتادة قال : «قال عليّ رضي الله عنه : إنّي لأرجو أن أكون أنا وعثمان وطلحة والزبير من الذين قال الله تعالى ذكره فيهم : (ونزعنا ما في صدورهم مّن غلّ) ، رضي الله عنهم».
(٢) انظر ما سلف ، ج ١ ، تفسير الآية ١٦٣ من سورة آل عمران.