قوله : (فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً وَلْيَبْكُوا كَثِيراً جَزاءً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) (٨٢) : يعني المنافقين. (فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً) في الدنيا ، أي : إلى موتهم ، (وَلْيَبْكُوا كَثِيراً) أي : في النار إذا صاروا إليها.
ذكروا عن أبي موسى الأشعريّ أنّه قال : إنّ أهل النار ليبكون الدموع ، حتّى لو أنّ السفن أرسلت في دموعهم لجرت ، ثمّ يبكون بعد ذلك الدم (١).
ثمّ قال للنبيّ عليهالسلام : (فَإِنْ رَجَعَكَ اللهُ) : أي : من غزوة تبوك (إِلى طائِفَةٍ مِنْهُمْ) : أي من المنافقين (فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ) : معك (فَقُلْ لَنْ تَخْرُجُوا مَعِيَ أَبَداً وَلَنْ تُقاتِلُوا مَعِيَ عَدُوًّا إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ) : فبذلك كفرتم ، وبذلك نهيت أن أستصحبكم (فَاقْعُدُوا مَعَ الْخالِفِينَ) (٨٣) : أي مع النساء في تفسير الحسن. وفي تفسير الكلبيّ : مع الأشرار. ذكر بعضهم قال : ذكر لنا أنّهم كانوا اثني عشر رجلا قيل فيهم ما قيل.
قوله : (وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ). ثمّ أخبره لم ذاك وبم هو ، فقال : (بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ) : أي خالفوا الله وخالفوا رسوله (وَماتُوا وَهُمْ فاسِقُونَ) (٨٤) : وهو فسق النفاق.
قال بعضهم : بلغنا أنّه عبد الله بن أبيّ بن سلول ؛ لمّا مات جاء ابنه إلى النبيّ صلىاللهعليهوسلم فقال : يا رسول الله ، أعطني قميصك أكفّنه فيه. فأعطاه رسول الله صلىاللهعليهوسلم قميصه فكفنه فيه ، وصلّى عليه النبيّ. فأنزل الله : (وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ) ثمّ أخبره لم
__________________
ـ الخلق ، باب صفة النار وأنّها مخلوقة ، عن ابن عمر. وأخرجه مسلم في كتاب الجنّة وصفة نعيمها وأهلها ، باب في شدّة حرّ نار جهنّم (رقم ٢٨٤٣) عن أبي هريرة ، وأخرجه ابن ماجه في كتاب الزهد ؛ باب صفة النار ، عن أنس بن مالك (رقم ٤٣١٨).
(١) هذا معنى حديث أخرجه ابن ماجه عن أنس بن مالك مرفوعا (رقم ٤٣٢٤) ولفظه : «يرسل البكاء على أهل النار فيبكون حتّى ينقطع الدموع ، ثمّ يبكون الدم حتّى يصير في وجوههم كهيئة الأخدود لو أرسلت فيه السفن لجرت».