كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحابُ الْجَحِيمِ) (١١٣) [التوبة : ١١٣].
قوله : (فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجاهِدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ وَقالُوا لا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ) : قال مجاهد : بعد الفتح وبعد الطائف وبعد حنين في الصيف ، حين اخترفت النخل ، وطابت الثمار ، واشتهي الظلّ ، وشقّ عليهم الخروج في إبّان الحرّ.
قال الله للنبيّ عليهالسلام : (قُلْ نارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا) : من نار الدنيا في تفسير الحسن. (لَوْ كانُوا يَفْقَهُونَ) (٨١) لعلموا أنّ نار جهنّم أشدّ حرّا من نار الدنيا.
ذكر بعضهم قال : بينما رسول الله صلىاللهعليهوسلم في مسير له في يوم شديد الحرّ إذ نزل منزلا وجعل أحدهم ينتعل ثوبه من شدّة حرّ الأرض ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : أراكم تجزعون من شدّة حرّ الشمس وبينكم وبينها مسيرة خمسمائة عام ، والذي نفسي بيده لو أنّ بابا من أبواب جهنّم فتح بالمشرق ورجل بالمغرب لغلا دماغه حتّى يسيل من منخريه (١).
وذكروا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : لو أنّ غربا (٢) من جهنّم وضع في الأرض لأذى حرّه ما بين المشرق والمغرب.
وذكروا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : ناركم هذه التي توقدون بها جزء من سبعين جزءا من نار جهنّم. قيل : يا رسول الله ، إن كانت لكافية. قال : فإنّها فضلتها بتسعة وستّين جزءا كلّها مثل حرّها. وزاد فيه بعضهم قال : ضربت بالماء مرّتين لكي تنتفعوا بها وتدنوا منها (٣).
__________________
(١) رواه يحيى بن سلّام عن النضر بن معبد عن أبي قلابة كما جاء في ز ، ورقة ١٣١.
(٢) في بعض المخطوطات : «ترابا» ، وفي بعضها : «غرابا» ، والصحيح ما أثبتّه : «غربا» ، وهو الدلو العظيمة. وقد روى هذا الحديث الطبرانيّ عن أنس بلفظ أطول حسبما ذكر المنذريّ في الترغيب والترهيب ، ج ٤ ص ٤٦٢.
(٣) حديث متّفق على صحّته ، رواه البخاريّ ومسلم والترمذيّ وابن ماجه ؛ أخرجه البخاريّ في كتاب بدء ـ