ذاك وبم هو فقال : (بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ) أي خالفوا الله وخالفوا رسوله (وَماتُوا وَهُمْ فاسِقُونَ) (١).
وقال بعضهم : ذكر لنا أنّه مات منافق فكفنه رسول الله في قميصه وصلّى عليه ودلّاه في قبره. فأنزل الله هذه الآية. فذكر لنا أنّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : وما يغني عنه قميصي من عذاب الله ، والله إني لأرجو أن يسلم به ألف من قومه (٢).
وقال بعضهم : إنّ رسول الله تقدّم ليصلّي عليه ، فأخذ جبريل بثوبه فقال : والله (لا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً ...) إلى آخر الآية. وفي هذا دليل على أهل الفراق أن لو كانوا مشركين كما قالوا ما صلّى عليهم رسول الله ، ولا وقف على قبورهم ، ولا كفنهم في ثيابه ، ولا دلّاهم في قبورهم بعد قول الله : (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ) [التوبة : ٢٨] ، وبعد قوله : (ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحابُ الْجَحِيمِ) (١١٣) [التوبة : ١١٣].
قوله : (وَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ وَأَوْلادُهُمْ إِنَّما يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِها فِي الدُّنْيا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ) : أي وتموت أنفسهم (وَهُمْ كافِرُونَ) (٨٥) : أي وهم مخالفون لله ورسوله. أخبر أنّهم يموتون على الكفر. وقد فسّرناه في الآية الأولى التي قبل هذه الآية.
قوله : (وَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُوا بِاللهِ وَجاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُولُوا الطَّوْلِ مِنْهُمْ) : أي ذوو السعة والغنى في المقام والتخلّف عن الجهاد (وَقالُوا ذَرْنا نَكُنْ مَعَ الْقاعِدِينَ) (٨٦) (٣). قال : (رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ) : أي مع النساء في
__________________
(١) قصّة طلب عبد الله بن عبد الله بن أبيّ من رسول الله عليهالسلام أن يصلّي على أبيه عبد الله بن أبيّ ، وصلاة الرسول صلىاللهعليهوسلم عليه ثابتة في كتب التفسير والحديث. انظر مثلا : صحيح البخاري ، كتاب التفسير ، سورة براءة. وتفسير الطبري ، ج ١٤ ص ٤٠٩.
(٢) ذكر السيوطيّ في الدر المنثور ، ج ٣ ص ٢٦٦ هذا الخبر الذي أخرجه أبو الشيخ عن قتادة وفيه : «والله إنّي لأرجو أن يسلم به أكثر من ألف من بني الخزرج».
(٣) في المخطوطات الأربع : («(مَعَ الْقاعِدِينَ) : أي مع النساء». وهو خطأ من النسّاخ ولا شكّ. وقد أثبتّ ـ