(وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ) : أى من التوراة والإنجيل والزبور ؛ نؤمن بها ولا نعمل إلّا بما في القرآن. قال : (وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ) (٤) : أى أنّها كائنة. (أُولئِكَ) : أى الذين كانت هذه صفتهم (عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ) : أى على بيان من ربهم. (وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (٥) : يعني هم السعداء ، وهم أهل الجنّة.
قوله : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) (٦) : فهؤلاء الذين يلقون الله بكفرهم ، لأنّهم اختاروا العمى على الهدى (١). (خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ) : [يعني طبع ، فهم لا يفقهون الهدى](وَعَلى سَمْعِهِمْ) : فلا يسمعونه (وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ) : فلا يبصرونه (وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ) (٧)] (٢) : بفعلهم الكفر الذي استحبّوه واختاروه على الإيمان ، فهؤلاء أهل الشرك.
ثمّ ذكر الله صنفا آخر من الناس ، يعني المنافقين فقال : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ) (٨) : يقول : أقروا لله بألسنتهم وخالفت أعمالهم. وما هم بمؤمنين ، أى : حتّى يستكملوا دين الله ويوفوا بفرائضه ك (وَإِبْراهِيمَ الَّذِي وَفَّى) (٣٧) [سورة النجم : ٣٧] أى الذي أكمل الإيمان وأكمل الفرائض.
قوله : (يُخادِعُونَ اللهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا) : أى بما أعطوهم من الإقرار والتصديق ، وأعطوا الحقوق من الزكاة ، يخادعون بذلك رسول الله صلىاللهعليهوسلم والمؤمنين (٣) ؛ فجعل الله مخادعتهم رسوله والمؤمنين كمخادعة منهم لله. وهو كقوله : (إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ) [الفتح : ١٠]. والإيمان بالنبيّ عليهالسلام إيمان بالله ، والكفر به هو كفر بالله ، وكذلك مخادعة الله. قال : (وَما يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ) : أى : إنّ ذلك يرجع عليهم عذابه وثواب كفره. وتفسير خدعة الله إيّاهم في سورة الحديد (٤) (وَما يَشْعُرُونَ) (٩) : أى : أنّ ذلك يصير عليهم.
__________________
(١) كذا ورد تفسير هذه الآية في ق وع ود. أمّا في ز فجاء التفسير هكذا : «يعني الذين سبق لهم في علم الغيب أنّهم يلقون الله بكفرهم».
(٢) ما بين المعقوفين كلّه ساقط من ق وع ود ، وأثبته من ز. والعبارة «بفعلهم الكفر ...» إلى آخر الجملة غير واردة في ز.
(٣) في ز وردت زيادة بلفظ : «حتّى يكفّوا عن دمائهم وأموالهم وسبي ذراريهم».
(٤) يشير إلى قوله تعالى : (يَوْمَ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ ...) إلى آخر ـ