من قبل الملك. وبعضهم يقرءونها : (ملك يوم الدّين) يعنون بهذا المقرإ أنّه من قبل الملك. وبعضهم يقرأها : (مالك يوم الدّين) يجعلها نداء (١). وتفسيره على الدعاء : يا مالك يوم الدّين. ويوم الدين هو يوم الحساب في تفسير مجاهد والحسن. وقال بعضهم : يوم يدين الله الناس فيه بأعمالهم. وقولهم جميعا في هذا واحد.
[قوله : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥)) (٢) (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) (٦) : هذا دعاء ؛ سأله المؤمنون الهدى والاستقامة في كل قول وعمل. (اهْدِنَا) أى : أرشدنا. قال بعض المفسّرين : (الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) (٦) ، يعني الطريق المستقيم إلى الجنّة ، وهو دين الإسلام. ذكروا عن ابن مسعود وابن عمر قالا : ترك النبىّ عليهالسلام طرف الصراط عندنا وطرفه في الجنّة. قوله : (صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) : يعني بالإسلام. قال بعضهم : (الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) هم الأنبياء ؛ وهو كقوله : (أُولئِكَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ ...) إلى آخر الآية. [سورة مريم : ٥٨] والإسلام يجمعهم جميعا.
قوله : (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) : يعني اليهود. (وَلَا الضَّالِّينَ) (٧) : يعني النصارى. والمشركون كلّهم مغضوب عليهم وكلّهم ضالّون ، ولكنّ اليهود والنصارى يقرأون الكتابين : التوراة والإنجيل وينتحلونهما ، ويزعمون أنّهم يدينون بهما. وقد حرّفوهما ، وهم على غير هدى. ذكروا عن الحسن أنّه قال : المغضوب عليهم اليهود ، والضالّون النصارى (٣).
__________________
وقد اختلف العلماء كثيرا في أى اللفظين أبلغ : (ملك) أو (مالك) ، وأدلى كلّ برأيه وحجّته. فرجّح الطبريّ مثلا في تفسيره ج ١ ص ١٤٩ قراءة : (ملك) وبيّن علل ترجيحه. انظر تفسير القرطبي ج ١ ص ١٤٠ ، واقرأ ملخّصا وافيا لهذه الآراء ، وكلاما نفيسا في الموضوع لأحد علمائنا الأعلام سماحة الشيخ / أحمد بن حمد الخليلي ـ أمدّ الله في أنفاسه ـ في كتابه : جواهر التفسير ج ١ ص ٢٣١ ـ ٢٣٨ ، نشر مكتبة الاستقامة ، روى ، سلطنة عمان ، ١٤٠٤ ه / ١٩٨٤ م.
(١) في ق وع ود : «صراخا». وأثبت ما جاء في ز : «نداء» فهو أنسب وأبلغ.
(٢) لم يرد في أى مخطوطة ذكر لهذه الآية ولا تفسير لها. ومن المستبعد أن يكون المؤلّف ترك تفسيرها ، فقد ورد في ز مايلي : «قال محمّد : معنى العبادة في اللغة الطاعة مع الخضوع».
(٣) أخرجه الترمذىّ من حديث طويل عن عديّ بن حاتم عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم بلفظ : «اليهود مغضوب عليهم والنصارى ضلّال». وقال الترمذيّ حديث حسن غريب. وأخرجه أحمد في مسنده أيضا.