العرب (ما لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلا آباؤُكُمْ قُلِ اللهُ) أنزله (ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ) (١).
قوله : (وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ) : أى القرآن (مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ) : من التوراة والإنجيل. (وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى) : أى مكّة ، منها دحيت الأرض ؛ لتنذر أهل مكّة (وَمَنْ حَوْلَها) : أى سائر الأرض (وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ) : أى بالقرآن (وَهُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ) (٩٢) : قال الحسن : يعني صلاة أهل مكّة ، حين كانت الصلاة ركعتين غدوة وركعتين عشيّة.
وقال بعضهم : (وَهُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ) أى يحافظون على وضوئها ومواقيتها وركوعها وسجودها. وقال : كلّ ما ذكر من الصلاة في المكّيّ قبل أن تفرض الصلوات الخمس فهو الصلوات الأولى ، ركعتين غدوة وركعتين عشيّة ؛ وما كان بعد ما أسرى بالنبيّ وافترضت عليه الصلوات الخمس تلك الليلة يعني به الصلوات الخمس. وكان أسري بالنبيّ ، فافترضت عليه الصلوات الخمس ، فيما بلغنا ، قبل أن يخرج من مكّة بسنة.
قوله (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً) : وهذا على الاستفهام ، يقول : لا أحد أظلم منه (أَوْ قالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ ما أَنْزَلَ اللهُ) : قال بعضهم : نزلت في مسيلمة الكذّاب (٢) ، وهو قول الحسن.
ذكر بعضهم قال : ذكر لنا أنّ نبيّ الله قال : رأيت فيما يرى النائم أنّ في يديّ سوارين من ذهب فكبرا عليّ وأهمّاني. فأوحى الله إليّ أن أنفخهما فنفختهما ، فطارا فأوّلتهما في منامي الكذّابين اللذين أنا بينهما : كذّاب اليمامة مسيلمة ، وكذّاب صنعاء العنسي (٣). وكان يسمّى الأسود.
__________________
(١) وهذه القراءة التي قرأ بها مجاهد هي التي مال إليها الطبري ورجّحها واحتجّ لها ، وبيّن أيضا ، اعتمادا على سياق الآيات وموضوع السورة ، أنّ المعنيّين بالآية هنا إنّما هم مشركو قريش. ولاختياره هذا وبيانه حظّ كبير من النظر ، وهو تأويل وجيه للآية. انظر تفسير الطبري ، ج ١١ ص ٥٢٤ ـ ٥٢٥.
(٢) قيل نزلت هذه الآية في عبد الله بن سعد بن أبي سرح ، وكان يكتب لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ثمّ ارتدّ عن الإسلام. انظر تفصيل ذلك في معاني القرآن للفرّاء ، ج ١ ص ٣٤٤ ، وفي أسباب النزول للواحدي ، ص ٢١٦.
(٣) حديث متّفق على صحّته ، أخرجه البخاري في كتاب التعبير ، باب النفخ في المنام ، وأخرجه مسلم في كتاب الرؤيا ، باب رؤيا رسول الله صلىاللهعليهوسلم (رقم ٢٢٧٤) كلاهما يرويه من طريق أبي هريرة عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم. أمّا مسيلمة الكذّاب فهو أبو ثمامة مسيلمة بن حبيب من بني حنيفة بن لجيم ، ادّعى النبوّة وتزوّج بسجاح ـ