فناشدوهم : أنحن
أهدى أم محمّد وأصحابه؟ فقالوا : لا والله ، بل أنتم والله أهدى. فقال الله : (أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ
وَمَنْ يَلْعَنِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً) (٥٢).
ذكر بعضهم قال :
إنّها نزلت في كعب بن الأشرف وحييّ بن أخطب اليهوديّين من بني النضير ؛ لقيا قريشا
بالموسم ، فقال لهم المشركون : أنحن أهدى أم محمّد وأصحابه؟ فإنّا أهل السدانة ،
وأهل السقاية ، وأهل الحرم. فقالا : بل أنتم أهدى من محمّد وأصحابه ، وهما يعلمان
أنّهما كاذبان ، وإنّما حملهما على ذلك حسد محمّد وأصحابه ؛ فأنزل الله هذه الآية
: (أُولئِكَ الَّذِينَ
لَعَنَهُمُ اللهُ).
قوله : (أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ
فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً) (٥٣) : والنقير
النقرة تكون في ظهر النواة في تفسير مجاهد وغيره. [المعنى : أنّهم لو أعطوا الملك
ما أعطوا الناس مقدار النقير] .
قوله : (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما
آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ)
: قال الحسن : هم
اليهود يحسدون محمّدا وأصحابه على ما آتاهم الله من فضله في الدين.
قال الكلبيّ :
الناس في هذه الآية محمّد عليهالسلام. قالت اليهود : انظروا إلى هذا الذي لا يشبع من الطعام.
ولا والله ما له همّ إلّا النساء ؛ حسدوه لكثرة نسائه وعابوه بذلك ، وقالوا : لو
كان نبيّا ما رغب في كثرة النساء. فأكذبهم الله فقال :
(فَقَدْ آتَيْنا آلَ
إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ)
: يعني النبوّة (وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً) (٥٤) : فسليمان بن
داود من آل إبراهيم ؛ وقد كان عند سليمان ألف امرأة ، وعند داود مائة ، فكيف
يحسدونك يا محمّد على تسع نسوة.
وقال الحسن : (وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً)
، ملك النبوّة.
قوله : (فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ)
: أى بما آتاهم
الله من النبوّة والإسلام. (وَمِنْهُمْ مَنْ
صَدَّ عَنْهُ)
: قال مجاهد : (فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ) أى : بما أنزل على محمّد (وَمِنْهُمْ مَنْ
صَدَّ عَنْهُ). قال : (وَكَفى بِجَهَنَّمَ
سَعِيراً) (٥٥) : أى لمن صدّ
عنه. وتأويل (صَدَّ عَنْهُ) : جحده.
__________________