قوله : (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ) : والمحصنات هاهنا اللاتي لهنّ الأزواج. يقول : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ ، أُمَّهاتُكُمْ وَبَناتُكُمْ ...) إلى هذه الآية ثم قال : (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ) أى : وحرّمت عليكم المحصنات من النساء. قال : (إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) : أى من السبايا. فإذا سبيت امرأة من أرض (١) الشرك ولها زوج ثمّ وقعت في سهم رجل ، فإن كانت من أهل الكتاب وكانت حاملا لم يطأها حتّى تضع حملها. وإن كانت ليست بحامل لم يقربها حتّى تحيض. وإن لم يكن لها زوج فكذلك أيضا. وإن كانت من غير أهل الكتاب لم يطأها حتّى تتكلّم بالإسلام وتصلّي (٢). فإذا قالت لا إله إلّا الله محمّد رسول الله وما جاء به حقّ ، وصلّت ، استبرأها بحيضة ، إلّا أن تكون حاملا فيكفّ عنها حتّى تضع حملها.
ذكر أبو سعيد الخدريّ قال : أصبنا يوم أوطاس (٣) سبايا نعرف أنسابهنّ وأزواجهنّ ، فامتنعنا منهنّ ، فنزلت هذه الآية : (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ) ، أى : من السبايا.
قوله : (كِتابَ اللهِ عَلَيْكُمْ) : يعني (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ ، أُمَّهاتُكُمْ وَبَناتُكُمْ وَأَخَواتُكُمْ ...) إلى هذا الموضع ، ثمّ قال : (كِتابَ اللهِ عَلَيْكُمْ) ، يعني بتحريم ما قد ذكر (٤).
قوله : (وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ) : يعني ما بعد ذلكم من النساء. (أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ) : أى تتزوّجوا بأموالكم. لا تتزوّجون فوق أربع. (مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ) : أى ناكحين غير زانين.
قال : (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ) : أى من النكاح ، نكاح المتعة (فَآتُوهُنَّ) : أى فأعطوهنّ (أُجُورَهُنَّ) : أى صدقاتهنّ (فَرِيضَةً) : وهذا شيء كان في المتعة.
زعم بعضهم أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم رخّص في المتعة يوم فتح مكّة إلى أجل ، على أن لا يرثوا ولا
__________________
(١) كذا في د : «أرض الشرك» ، وفي ز ، ورقة ٦٢ : «أهل الشرك».
(٢) كذا في د : «وتصلي ... وصلت» وهذا موافق لمذهب الشيخ هود الهوّاريّ ، أمّا في ز ، فلم ترد فيه كلمة «وتصلّي ... وصلّت». وجاء فيه : «حتّى تتكلّم بالإسلام فإذا قالت لا إله إلّا الله استبرأها بحيضة».
(٣) أوطاس واد في ديار بني هوازن ، كانت فيه غزوة حنين ، وذلك سنة ثمان للهجرة ، وقد انتصر فيها المسلمون وغنموا غنائم كثيرة ، وأصابوا سبيا وأموالا لا يحصيها عدّ. انظر : معجم البلدان لياقوت الحموي ، ج ١ ص ٢٨١ وانظر سيرة ابن هشام ، ج ٤ ص ٤٣٧ ـ ٤٣٨.
(٤) في ع ود : «لتحريم ما ذكر» ، وأثبت ما جاء في ز : «بتحريم ما ذكر».