فقال : (وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ) (٢٤) : [أي : يختلقون] (٢) على الله فيه الكذب. قال بعض المفسّرين : هو قولهم : (نَحْنُ أَبْناءُ اللهِ وَأَحِبَّاؤُهُ) [المائدة : ١٨].
قوله : (فَكَيْفَ إِذا جَمَعْناهُمْ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ) : أى لا شكّ فيه ، وهو يوم القيامة ، لا شكّ أنّه كائن. (وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ) : أى جزيت كلّ نفس (ما كَسَبَتْ) : أى ما عملت من خير أو شرّ (وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ) (٢٥) : فأمّا المؤمن فيوفّى حسناته في الآخرة ، وأمّا الكافر فيجازى بها في الدنيا وله في الآخرة عذاب النار. وهو كقوله : (مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها) هو الكافر لا يريد إلّا الدنيا ، لا يقرّ بالآخرة. قال : (نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ) أي حسناتهم (فِيها) أى في الدنيا (وَهُمْ فِيها لا يُبْخَسُونَ) (١٥) أى : لا ينقصون (أُولئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ ما صَنَعُوا فِيها وَباطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) (١٦) [هود : ١٥ ـ ١٦]. وكقوله : (مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمالُهُمْ) يوم القيامة (كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلى شَيْءٍ) [إبراهيم : ١٨].
قوله : (قُلِ اللهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (٢٦) : قال الحسن : أمر الله رسوله أن يدعوه فيعطيه ملك فارس والروم ، ويردّ ذلّ العرب عليهما ؛ أمره بذلك وفي حكمه أن يستجيب له ويعطيه ذلك. وهكذا منازل الأنبياء عندهم ؛ إذا أمرهم بالدعاء في شيء أو على قومهم استجاب دعاءهم. وقال بعضهم : ذكر لنا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم سأل ربه أن يجعل ملك فارس والروم في أمّته ، فأنزل الله هذه الآية : (قُلِ اللهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ ...) إلى آخر الآية.
ذكروا أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : تقاتلون جزيرة العرب فيفتح الله عليكم ، وتقاتلون فارس فيفتح الله عليكم ، وتقاتلون الروم فيفتح الله عليكم ، وتقاتلون الدجّال فيفتح الله عليكم (٣). وكان عقبة بن نافع يحلف بالله لا يخرج الدّجّال حتّى تفتح الروم.
__________________
(١) انظر ما سلف ، تفسير الآية ٨٠ من سورة البقرة.
(٢) زيادة من ز ، ورقة ٤٤.
(٣) لم أجد هذا الحديث فيما بين يديّ من مصادر التفسير والحديث.