المكسورة ، لا
بالتخفيف. وهنا يمدّنا أبو عبيد البكري برواية لها وزنها في الترجيح ، وكأنه فعلا يأتي بالقول
الفصل في كتابه : «فصل المقال» حين قال ـ وهو يشرح كلمة لمحكّم اليمامة : «وفي
كتاب النسب للكلبي : قيل له محكّم لأنّهم جعلوه حكما وحكّموه بينهم». فإذا
ثبتت هذه الرواية ، ولا أحسبها إلّا صحيحة ثابتة ، انتهى بنا المطاف إلى ترجيح تشديد
الكاف المفتوحة في اسم محكّم الهوّاريّ. وهذا ما أميل إليه وأرجّحه. وأرى أنّه
إمّا من قولهم : رجل محكّم ، أى : مجرّب ، منسوب إلى الحكمة ، كما قال الجوهريّ ،
وأثبته الزمخشري ، وإمّا لكون المسمّى بهذا الاسم سيّدا في قومه ، محكّما
بينهم ، حقيقة أو تفاؤلا. والمعنيان يتعاضدان ويتكاملان ، فلكونه مجرّبا ذا حكمة
حكّمه قومه ، فهو محكّم في الحالين .
إنّ محكّما
الهواريّ معروف لدينا أكثر من ابنه هود. ذلك أنّ ابن الصغير ـ وهو قريب عهد بعصره
ـ قد حفظ لنا نبذة عن حياته ومواقفه الجريئة في القضاء. فهو يصفه لنا قاضيا عدلا ،
تقيّا ورعا ، قويّا في دينه ، متينا في أخلاقه ، يجهر بالحقّ ولا يخاف في الله
لومة لائم ، يتبيّن ذلك من خلال محاورة الإمام أفلح بن عبد الوهّاب مع الذين رغبوا منه «أن يولّي القضاء من يستحقّ». والذين «أجمعوا
أمرهم على محكّم الهوّاريّ ، الساكن بجبل أوراس».
قالوا لأفلح : «قد
تدافعنا هذا الأمر فيما بيننا ، فلم نرتض أحدا منّا. وقد ارتضينا جميعا بمحكّم (كذا)
الهوّاريّ ، الساكن بجبل أوراس لخاصّتنا وعامّتنا ، وديننا ودنيانا. فقال أفلح :
ويحكم دعوتم إلى رجل كما وصفتم في ورعه ودينه ، ولكن هو رجل نشأ في بادية ، ولا
يعرف لذي القدر
__________________