[١] (١) سورة الفاتحة
* أول المتشابهات قوله [تعالى] (٢) : (الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. مالِكِ) : فمن (٣) جعل (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) من الفاتحة ففي (٤) تكراره قولان : قال على بن عيسى (٥) :
إنما كرّر للتوكيد. وأنشد قول الشاعر :
هلا سألت جموع كندة |
|
يوم ولّوا أين أينا. |
وقال أبو القاسم (٦) بن حبيب : إنما كرر ؛ لأن المعنى : «وجب الحمد لله لأنه الرحمن الرحيم».
قلت : إنما كرر لأن الرحمة هى الإنعام على المحتاج. وذكر فى الآية الأولى المنعم ولم يذكر المنعم عليهم ، فأعادها مع ذكرهم وقال : (رَبِّ الْعالَمِينَ. الرَّحْمنِ) لهم أجمعين : ينعم عليهم ويرزقهم (الرَّحِيمِ) بالمؤمنين خاصة يوم الدين ينعم عليهم ويغفر لهم.
[وقيل : لما أراد ذكر يوم الدين لأنه ملكه ومالكه وفيه يقع الجزاء والعقاب والثواب ، وفى ذكره يحصل للمؤمن ما لا مزيد عليه من الرعب والخشية والخوف والهيبة : قدّم عليه ذكر (الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) تطمينا له وتأمينا وتطييبا لقلبه وتسكينا ، وإشعارا بأن الرحمة سابقة غالبة فلا ييأس ولا يأسى ، فإن ذلك اليوم وإن كان عظيما عسيرا ، فإنما عسره وشدته على الكافرين ، وأما المؤمن فبين صفتى (الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) من الآمنين] (٧).
* قوله تعالى : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) : كرر [إياك] ولم يقتصر على ذكره مرة ،
__________________
(١) وضعنا أرقام السور حسب ترتيبها فى المصحف الشريف بين معقوفين ، وجرينا على ذلك من أول الكتاب إلى آخره.
(٢) جرى المصنف على إثبات لفظ [تعالى] بعد لفظ [قوله] فى مطلع كل آية تكلم على متشابهها ، ولكن النساخ يعمدون أحيانا إلى حذفه طلبا للاختصار. هذا ومما يدل على أن الأصل هو إثبات المصنف لهذا اللفظ دائما : أن أية نسخة حذف منها فى موضع نجده مثبتا فى معظم النسخ الأخرى فى نفس الموضع.
ولم يتفق إجماع النساخ على حذفه فى موضع مما يؤخذ منه أن المصنف قد جرى على إثباته دائما ، وقد جرينا فى التحقيق على ذلك وفى حالات عدم ذكره فى الأصلية ـ وهى قليلة ـ لم نشر إلى النسخ التى أثبتته لما فى ذلك من تكلف المشقة ولكثرة دوران اللفظ فى جميع الكتاب.
(٣) كذا فى «ح» ، وفى الأصلية : [فيمن].
(٤) كذا فى «ح» ، وفى الأصلية : [وفى].
(٥) ز. سبقت ترجمته فى المقدمة ، انظر الحاشية رقم ١٠ ص : ٣٣.
(٦) كذا فى «د. م» ٢ / أ ، وفى الأصلية ، «ح» ٢ / ب : [قاسم] ، وفى «ق» : [أبو القيم] و ٢ / ب وهو تصحيف.
(٧). ز. فى البصائر ١ / ١٣٠.