كما اقتصر على ذكر أحد المفعولين فى آيات كثيرة منها : (ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى) (١) أى [و] (٢) ما قلاك وكذلك الآيات التى بعدها : «فآواك ، فهداك ، فأغناك» :
لأن فى التقديم (٣) فائدة : وهى قطع الاشتراك ، ولو حذف لم يدل على التقديم ، لأنك لو قلت : «إياك نعبد ونستعين» لم يظهر أن التقدير : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) أم «إياك نعبد ونستعينك» (٤) فكرز.
* قوله تعالى : (صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) ؛ كرّر (٥) لعلة تقرب مما ذكرت فى (الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) ، وذلك أن الصراط هو المكان المهيّأ للسلوك. فذكر فى الأول المكان ولم يذكر السالكين. فأعاده مع ذكرهم فقال : (صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ) : أى الذى سلكه (٦) النبيون والمؤمنون ، ولهذا كرر أيضا فى قوله : (إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ. صِراطِ اللهِ) (٧) ؛ لأنه ذكر المكان المهيّأ ولم يذكر المهيئ ، فأعاده مع ذكره فقال : (صِراطِ اللهِ) أى الذى هيّأه [الله] (٨) للسالكين.
* قوله تعالى : (عَلَيْهِمْ) ليس بتكرار ؛ لأن كل واحد منهما متصل بفعل غير الآخر وهو الإنعام والغضب ، وكل واحد منهما يقتضيه اللفظ وما كان هذا سبيله فليس بتكرار ولا من المتشابه [والله أعلم] (٩).
[٢] سورة البقرة
* قوله تعالى : (الم) هذه الآية تتكرر فى أوائل ست سور (١٠) فهى من المتشابه
__________________
(١) سورة الضحى الآية : ٣.
(٢) ز. فى «ح» ٢ / ب.
(٣) يقصد المصنف تكرار [إياك] وتقديمها على فعلها وعدم الاكتفاء بذكرها مرة واحدة.
(٤) أى أن عدم تكرار [إياك] فى الاستعانة يجعل المعنى محتملا للاستعانة بغيره تعالى على سبيل الاستقلال ، وهذا باب عظيم من أبواب الشرك فمنع تكرار [إياك] تطرق أى احتمال من هذا القبيل نهائيا. وأكد إفراده تعالى وحده فى حالتى العبودية له عزوجل ، والاستعانة به سبحانه.
(٥) يعنى لفظ صراط.
(٦) فى الأصلية : [يسلكه] ، وما أثبتناه هو لفظ النسخة «ح» ٣ / أ.
(٧) آخر الآية [٥٢] من سورة الشورى (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) وأول الآية [٥٣] بعدها (صِراطِ اللهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ).
(٨) ز. فى «ح» ٣ / أ.
(٩) ز. فى البصائر ١ / ١٣١.
(١٠) وهى سور (١) البقرة (٢) آل عمران (٣) العنكبوت (٤) الروم (٥) لقمان (٦) السجدة.
السورتان الأولى والثانية متتاليتان. والسور الباقية متتالية وترتيبها الرقمى على التوالى فى المصحف الشريف : ٢٩ ، ٣٠ ، ٣١ ، ٣٢.