(يُسَبِّحُ) فى الجمعة (١) والتغابن (٢).
هذه الكلمة استأثر الله بها ، فبدأ بالمصدر فى بنى إسرائيل (الإسراء) لأنه الأصل ، ثم بالماضى لأنه أسبق الزمانين ، ثم بالمستقبل ، ثم بالأمر فى سورة الأعلى استيعابا لهذه الكلمة من جميع جهاتها وهى أربع : المصدر والماضى والمستقبل وأمر المخاطب فحسب. فهذه أعجوبة وبرهان.
* قوله تعالى : (لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) وفى السور الخمس : (لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) : بإعادة ما وهو الأصل ، وخصّت هذه السورة بالحذف موافقة لما بعدها وهو : (خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ) (٣) ، وبعدها : (لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) (٤) ؛ لأن التقدير فى هذه السورة : «سبح لله خلق السماوات والأرض» ، وكذلك قال فى آخر الحشر بعد قوله : (الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ) : (يُسَبِّحُ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) (٥) أى خلقهما.
* قوله تعالى : (لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) (٦) ، وبعده : (لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) (٦) : ليس بتكرار ؛ لأن الأول فى الدنيا لقوله : (يُحْيِي وَيُمِيتُ). والثانى فى العقبى لقوله : (وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ).
* قوله تعالى : (ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (٨) : بزيادة (هو) ؛ لأن (بُشْراكُمُ) مبتدأ ، وجنات خبره ، (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا) صفة لها. (خالِدِينَ فِيها) حال. (ذلِكَ) إشارة إلى ما قبله ، و (هُوَ) مبتدأ تنبيه على عظم شأن المذكور (الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) خبره.
__________________
(١) سورة الجمعة (يُسَبِّحُ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) الآية : ١.
(٢) سورة التغابن (يُسَبِّحُ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) الآية : ١.
وحيث كان افتتاح الآية (سَبَّحَ لِلَّهِ) كان ختامها (وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ـ). وحيث جاء قبل الفاصلة (لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ) كانت الفاصلة (وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
(٣) سورة الحديد (هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ) من الآية : ٤.
(٤) سورة الحديد (لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) الآية : ٢ ، (لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ) الآية : ٥.
(٥) سورة الحشر (هُوَ اللهُ الْخالِقُ الْبارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى يُسَبِّحُ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) الآية : ٢٤.
(٦ ، ٧) انظر : الحاشية رقم : ٤.
(٨) سورة الحديد (يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ بُشْراكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) الآية : ١٢ ، سبق فى متشابهات سورة التوبة عند قوله تعالى : (وَرِضْوانٌ مِنَ اللهِ أَكْبَرُ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ).