تجرى مجرى واو العطف فى نحو قولك : «أكلت السمكة حتى رأسها» أى ورأسها وتقدير الآية (١) «فهم يوزعون وإذا ما جاءوها شهد عليهم».
و (ما) هى التى تزاد مع الشرط نحو «أينما» و «حينما». و «حتى» فى غيرها من السور للغاية.
* قوله تعالى : (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (٢). ومثله فى الأعراف لكنه ختم بقوله : (إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (٣) لأن الآية فى هذه السورة متصلة بقوله : (وَما يُلَقَّاها إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَما يُلَقَّاها إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) وكان مؤكدا بالتكرار وبالنفى والإثبات. فبالغ فى قوله : (إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) بزيادة هو وبالألف واللام ولم يكن فى الأعراف هذا النوع من الاتصال فأتى على القياس المخبر عنه معرفة والخبرة نكرة (٤).
* قوله تعالى : (وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ) (٥). وفى (عسق) (٦) بزيادة قوله : (إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) ، وزاد فيها أيضا : (بَغْياً بَيْنَهُمْ) (٧) ؛ لأن المعنى : تفرّق قول اليهود فى التوراة ، وتفرّق قول الكافرين فى القرآن ، ولو لا كلمة سبقت من ربك بتأخير العذاب إلى يوم الجزاء لقضى بينهم بإنزال العذاب عليهم.
وخصّت «عسق» بزيادة قوله : (إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) ؛ لأن ذكر البداية فى أول الآية : هو (وَما تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ). وهو مبدأ كفرهم ، فحسن ذكر
__________________
(١) سورة فصلت (وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْداءُ اللهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ. حَتَّى إِذا ما جاؤُها) الآيتان : ١٩ ، ٢٠.
(٢) فصّلت : الآية ٣٦. وهى متصلة بقوله تعالى قبلها : (وَما يُلَقَّاها إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَما يُلَقَّاها إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ) الآية : ٣٥.
(٣) سورة الأعراف (وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) الآية : ٢٠٠.
(٤) قال الإمام السيوطى فى الإتقان [ط. ١٣٦٨ ه] ط ٢ ص : ١١٦ : [قوله تعالى : (فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) الأعراف وفى فصلت : (إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) : قال ابن جماعة : لأن آية الأعراف نزلت أولا. وآية فصلت نزلت ثانيا فحسن التعريف أى : (هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) الذى تقدم ذكره أولا عند نزوغ الشيطان].
قلت : الأعراف وفصلت سورتان مكيتان وترتيب نزولهما ٣٨ ، ٦٠ على التوالى ، وما قاله الكرمانى أوجه من نقل السيوطى.
(٥) سورة فصلت (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ) الآية : ٤٥.
(٦) سورة الشورى ، وسميت أيضا باسم الآية الثانية منها وهى [عسق].
(٧) سورة الشورى (وَما تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَلَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ) الآية : ١٤.