وألواح مسطورة ، كما جاء إبراهيم وموسى ؛ ولهذا قالوا : (أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ) (١) مع أن لفظ الإلقاء قد يستعمل لما يستعمل له الإنزال.
* قوله تعالى : (وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا) (٢). وفى الأنبياء : (رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا) ؛ لأن الله سبحانه ميّز أيوب لحسن صبره على بلائه من بين أنبيائه ؛ فحيث قال لهم : (مِنْ عِنْدِنا) (٣) قال له : (مِنَّا). وحيث لم يقل لهم : (مِنْ عِنْدِنا). قال له : (مِنْ عِنْدِنا). وخصت هذه السورة بقوله : (مِنَّا) لما تقدم فى حقهم (مِنْ عِنْدِنا) فى مواضع. (٤) وخصت سورة الأنبياء بقوله : (مِنْ عِنْدِنا) لتفرده بذلك.
* قوله تعالى فى هذه السورة : (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتادِ) (٥) الآيات. وفى «ق» : (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ) إلى قوله : (فَحَقَّ وَعِيدِ) (٦).
قال الخطيب (٧) : سورة «ص» بنيت فواصلها على ردف أواخرها بالألف ، وسورة
__________________
(١) [أألقى عليه] كذا فى البصائر ١ / ٤٠١ وفى الأصلية.
(٢) سورة ص (وَوَهَبْنا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ) الآية : ٤٣.
(٣) سورة الأنبياء (فَاسْتَجَبْنا لَهُ فَكَشَفْنا ما بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْناهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَذِكْرى لِلْعابِدِينَ) الآية : ٨٤.
(٤) نحو قوله تعالى فى سورة ص : (فَغَفَرْنا لَهُ ذلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ) الآية : ٢٥ ، (وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ) الآية : ٤٠.
(٥) سورة ص الآية ١٢ وبعدها (وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحابُ الْأَيْكَةِ أُولئِكَ الْأَحْزابُ. إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقابِ) الآيتان : ١٣ ، ١٤.
(٦) سورة ق الآية ١٢ وبعدها (وَعادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوانُ لُوطٍ. وَأَصْحابُ الْأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ) الآيتان : ١٣ ، ١٤.
(٧) نذكر فيما يلى نص عبارة الخطيب من درة التنزيل ص ٣١٣ ، وقد قمنا بترقيم الآيات فى النص. قال : [سورة ق مبنية فواصلها على أن ردف آخر حرف منها بالياء أو بالواو وعلى ذلك جميع آياتها ، وسورة ص بنيت فواصلها على أن تردف أواخرها بالألف فكانت الآية التى من هذه مختومة الفاصلة بوصف فرعون بذى الأوتاد ، وبعدها (أُولئِكَ الْأَحْزابُ فَحَقَّ عِقابِ).
وجاء بإزاء ذلك فى سورة ق (وَأَصْحابُ الرَّسِّ وَثَمُودُ) ومكان (فَحَقَّ عِقابِ فَحَقَّ وَعِيدِ).
وكذلك فى هذه السورة (وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ أَتْرابٌ) وفى سورة الصافات (وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ عِينٌ. كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ) الآيتان : ٤٨ ، ٤٩ ؛ لأن فواصل الآيات التى من سورة «الصافات» مردفة أواخرها بالياء أو بالواو. والقصد التوفقة بين الألفاظ مع صحة المعانى كما فى قوله تعالى : (قالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعالَمِينَ. رَبِّ مُوسى وَهارُونَ) الآيتان : ٤٧ ، ٤٨ فى الشعراء وفى طه (بِرَبِّ هارُونَ وَمُوسى) من الآية ٧٠. فاعرف ذلك فإنه مما يكثر إن شاء الله تعالى.