* قوله تعالى : (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) (١) ، وبعده : (وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا خَيْراً) (٢) ؛ إنما رفع الأول لأنهم أنكروا إنزال القرآن ، فعدلوا عن الجواب فقالوا : هذه (أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) والثانى من كلام المتقين ، وهم يقرّون بالوحى والإنزال فقالوا : (خَيْراً) أى : أنزل خيرا ، فيكون الجواب مطابقا.
و «خيرا» نصب بأنزل. وإن شئت جعلت خيرا مفعول القول : أى قالوا خيرا ، ولم يقولوا شرا كما قالت الكفار. وإن شئت جعلت خيرا صفة مصدر محذوف أى : قالوا قولا خيرا. وقد ذكرت مسألة «ما ذا» (٣) فى موضعه.
* قوله تعالى : (فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ) (٤) : ليس له فى القرآن نظير ، الفاء للعطف على فاء التعقيب فى قوله : (فَادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها). واللام للتأكيد يجرى مجرى القسم موافقة لقوله : (وَلَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ) (٥) وليس له فى القرآن نظير ، وبينهما (وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ).
* قوله تعالى : (فَأَصابَهُمْ سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا) (٦) هاهنا ، وفى الجاثية (٧) وفى غيرهما (٨) (ما كَسَبُوا) ؛ لأن العمل أعم من الكسب ولهذا قال : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ. وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) (٩) ، وخصّت هذه السورة [بالعمل] (١٠) لموافقة ما قبله وهو قوله : (ما كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ بَلى إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (١١) ، ولموافقة ما بعده (١٢)
__________________
(١) سورة النحل الآية : ٢٤.
(٢) سورة النحل من الآية : ٣٠.
(٣) كذا فى البصائر ١ / ٢٨٢ و «د. م» ٤١ / ب ، وفى الأصلية : [ما].
(٤) سورة النحل (فَادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ) الآية : ٢٩.
(٥) سورة النحل (وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا خَيْراً لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ) الآية : ٣٠.
(٦) سورة النحل (فَأَصابَهُمْ سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) الآية : ٣٤.
(٧) سورة الجاثية (وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) الآية : ٣٣.
(٨) فى سورة الزمر ليس إلا فى موضعين : الأول : (وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) الآية : ٤٨. والثانى : (فَأَصابَهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هؤُلاءِ سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا وَما هُمْ بِمُعْجِزِينَ) الآية : ٥١.
(٩) سورة الزلزلة الآيتان : ٧ ، ٨.
(١٠) كذا فى البصائر ١ / ٢٨٣ ، وفى الأصلية : [به].
(١١) سورة النحل من الآية : ٢٨.
(١٢) كذا فى البصائر ١ / ٢٨٣ و «ز ـ ٢» ، وفى الأصلية : [بعدها].