والآية الثانية مشتملة على ما هو من عملهم وهو إنفاق المال فى طاعة الله وتحمل المشاق فى (١) قطع [المسافات] (٢) فيكتب ذلك لهم بعينه ، ولذلك ختم الآية بقوله : (لِيَجْزِيَهُمُ اللهُ أَحْسَنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) ؛ لأن الكل من عملهم فوعدهم أحسن (٣) الجزاء عليه. وختم الآية الأولى بقوله : (إِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) حين (٤) ألحق ما ليس من عملهم بما هو من عملهم ثم جازاهم على الكل أحسن (٥) الجزاء. [وهذا برهان شاف للقرآن ، والله تعالى أعلم] (٦) ، (٧).
[١٠] سورة يونس
* قول الله تعالى وتقدس فى هذه السورة : (إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ) (٨). وفى هود : (إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ) (٩) ؛ لأن ما فى هذه السورة خطاب للمؤمنين والكافرين جميعا ، يدل عليه قوله بعده : (لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ بِالْقِسْطِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا) الآية ، [وكذلك ما فى المائدة (مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً) (١٠) ؛ لأنه خطاب للمؤمنين والكافرين بدليل قوله : (فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) (١١)] (١٢) ، وما فى هود خطاب للكفار فحسب يدل عليه قوله : (وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ) (١٣).
__________________
(١) كذا فى «مد» ٥٥ / ب ، وفى الأصلية : [إلى].
(٢) كذا فى البصائر ١ / ٢٣٩ ، وفى الأصلية : [المشقات] والأول أصوب.
(٣) هذا هو ما يقتضيه السياق ، وفى الأصلية : [حسن].
(٤) كذا فى «مد» ٥٥ / ب ، وفى الأصلية : [حتى] والقراءة تصح بها.
(٥) كذا فى «ح» ، وفى الأصلية : [حسن] والأول أصوب.
(٦) ز. فى «ح» ٣٣ / أ.
(٧) زاد فى الإتقان عما ذكره الكرمانى [قوله تعالى : (الْمُنافِقُونَ وَالْمُنافِقاتُ بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ) ٦٧. وقال فى المؤمنين : (بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) ٧١ ، وفى الكفار : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ) ، الأنفال : ٧٣ ؛ لأن المنافقين ليسوا متناصرين على دين معين وشريعة ظاهرة ، فكان بعضهم يهودا وبعضهم مشركين : فقال : (مِنْ بَعْضٍ) أى فى الشك والنفاق ، والمؤمنون متناصرون على دين الإسلام وكذلك الكفار المعلنون بالكفر ، كلهم أعوان بعضهم ومجتمعون على التناصر ، بخلاف المنافقين كما قال تعالى : (تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى) الحشر : ١٤] ١ / ١٢٤.
(٨) سورة يونس (إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً وَعْدَ اللهِ حَقًّا إِنَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ) من الآية الرابعة.
(٩) سورة هود (إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) الآية : ٤.
(١٠) سورة المائدة (إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) من الآية : ٤٨.
(١١) سورة المائدة من الآية : ٤٨ انظر : الحاشية السابقة.
(١٢) زيادة فى «ح» ٣٣ / أ ، والبصائر ١ / ٢٤.
(١٣) سورة هود من الآية الثالثة.