(وَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ) (١) فبنى مجهول على مجهول. والثانى محمول على ما تقدم من ذكر الله سبحانه مرات فكان اللائق (وَطَبَعَ اللهُ). ثم ختم كل آية بما يليق بها فقال فى الأولى : (لا يَفْقَهُونَ). وفى الثانية : (لا يَعْلَمُونَ) ؛ لأن العلم فوق الفقه والفعل المسند إلى «الله» فوق [المسند إلى] (٢) المجهول.
* قوله تعالى : (وَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ) (٣) [وقال فى الأخرى : (فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ) (٤)] (٥) ؛ لأن الأولى فى المنافقين ولا يطلع على ما فى ضمائرهم إلا الله ، ثم رسوله باطلاع الله إياه عليها لقوله : (قَدْ نَبَّأَنَا اللهُ مِنْ أَخْبارِكُمْ) (٦) والثانية فى المؤمنين ، وطاعات المؤمنين وعباداتهم ظاهرة لله ولرسوله والمؤمنين. وختم آية المنافقين (٧) بقوله : (ثُمَّ تُرَدُّونَ) فقطعه عن الأول لأنه وعيد. وختم آية المؤمنين بقوله : (وَسَتُرَدُّونَ) لأنه وعد بناه على قوله : (فَسَيَرَى اللهُ).
* قوله تعالى : (إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صالِحٌ) (٨) ، وفى الأخرى : (إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ) (٩) ؛ لأن الآية الأولى مشتملة على ما هو من عملهم وهو قوله : (وَلا يَطَؤُنَ مَوْطِئاً يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلا يَنالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً) وعلى ما ليس من عملهم وهو الظمأ والنّصب والمخمصة ؛ والله سبحانه بفضله أجرى ذلك مجرى عملهم فى الثواب فقال : (إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صالِحٌ) أى جزاء عمل صالح.
__________________
(١) سورة براءة من الآية : ٨٦.
(٢) ما بين الحاصرتين زيادة فى «د. م» ٣١ / ب ، «ز ـ ٢» ١٩ / ب ، والبصائر ١ / ٢٣٥.
(٣) سورة براءة (يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُلْ لا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللهُ مِنْ أَخْبارِكُمْ وَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) الآية : ٩٤.
(٤) نفس السورة (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) الآية : ١٠٥.
(٥) ما بين المعقوفين ز. فى «مد» ٥٥ / أو «د. م» ٣١ / ب و «ز ـ ٢» ١٩ / ب ، والبصائر ١ / ٢٣٥.
(٦) انظر : الحاشية رقم ٣.
(٧) كذا فى البصائر ١ / ٢٣٦ ، وفى الأصلية : [المؤمنين المنافقين] وتصحيفه واضح.
(٨) سورة براءة (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلا نَصَبٌ وَلا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا يَطَؤُنَ مَوْطِئاً يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلا يَنالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صالِحٌ إِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) من الآية : ١٢٠.
(٩) نفس السورة السابقة (وَلا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً وَلا يَقْطَعُونَ وادِياً إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللهُ أَحْسَنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) الآية : ١٢١.