(مُسْرِفُونَ. وَما كانَ) (١).
* قوله تعالى : (أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ) (٢) : فى هذه السورة. وفي النمل : (أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ) (٣) ؛ لأن ما في هذه السورة كناية فسرها ما في السورة [التى] (٤) بعدها وهى النمل.
قال الخطيب (٥) : سورة النمل نزلت قبل (٦) هذه السورة فصرح في الأولى وكنّى في الثانية.
* قوله تعالى : (كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ) (٧) فى هذه السورة ، وفي النمل : (قَدَّرْناها مِنَ الْغابِرِينَ) (٨) : أى «كانت في علم الله من الغابرين فقدرناها من الغابرين». وعلى وزان قول الخطيب (٩) : «قدرناها من الغابرين فصارت من الغابرين». و «كان» تأتى بمعنى «صار»
__________________
(١) سورة الأعراف من الآيتين : ٨١ ، ٨٢.
(٢) تقدم ذكر الآية بتمامها في الحاشية رقم ١٢ من الصفحة السابقة.
(٣) سورة النمل (فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قالُوا أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ) الآية : ٦٥.
(٤) ز. فى «ق» ٢٤ / ب ، «د. م» ٢٦ / أ ، البصائر : ٢١٥.
(٥) قال الخطيب في درة التنزيل ص ١٤٠ ما نصه : [وأما المسألة الثالثة وهى إضمار آل لوط في الأعراف حيث قال : (إِلَّا أَنْ قالُوا أَخْرِجُوهُمْ) وإظهاره في سورة النمل لما قالوا : (أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ) فالجواب عنه أن يقال : إن السورتين مكيتان ، وموجب هذا الإضمار والإظهار أن يكون ما جاء فيه الإظهار نازلا قبل ما جاء فيه الإضمار. فلما أظهر في الآية المنزلة من قبل : اعتمد في القصة التى هى عند ذكرهم على الإضمار الذى أصله أن يكون بعد تقدم الذكر].
(٦) بل العكس هو الصحيح فإن الأعراف والنمل سورتان مكيتان والأعراف أسبق في النزول ، فإن ترتيب نزولها ٣٨ والنمل ٤٧. وعبارة الخطيب لا تقطع بنزول سورة النمل قبل الأعراف بل بنزول قصة لوط في سورة النمل قبل نزولها في الأعراف.
(٧) سورة الأعراف (فَأَنْجَيْناهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ) الآية : ٨٣.
(٨) سورة النمل (فَأَنْجَيْناهُ وَأَهْلَهُ إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْناها مِنَ الْغابِرِينَ) الآية : ٥٧.
(٩) نص كلام الخطيب في درة التنزيل : الجواب عنه ما يدل عليه الجواب على المسألة الثالثة : وهو أن هذه القصة في سورة النمل نازلة قبل القصة في سورة الأعراف : بدليل الإضمار والإظهار ، وإذا بنينا على هذا : فإن قوله : (إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْناها مِنَ الْغابِرِينَ) أى : كتبنا عليها أن تكون من الباقين في القرية الهالكين مع أهلها. فلما ذكر في الآية المنزلة أولا ، أحال في الثانية على الأولى في البيان فقال : (كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ) أى في تقدير الله الذى قدره لها. وأخبر فيما قبل عن حكمه عليها. وفي سورة الأعراف : (أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ) وقال في سورة النمل : (أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ).
فالجواب عنها ما بيناه : وهو أن ذكر قصة لوط وقومه نزل القرآن به قبل ذكره في سورة الأعراف