وقد فسّر (كانَ مِنَ الْجِنِ) (١) بالوجهين.
* قوله تعالى : (بِما كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ) (٢) : فى هذه السورة. وفي يونس : (بِما كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ) (٣) ؛ لأن أول القصة في هذه السورة (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا) (٤). وفي الآية : (وَلكِنْ كَذَّبُوا) وليس بعدها الباء ، فختم القصة بمثل ما بدأ به فقال : (كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ) [و] (٥) كذلك في يونس وافق ما قبله وهو : (فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْناهُ) (٦) ، ثم (كَذَّبُوا بِآياتِنا) فختم (٧) بمثل ذلك فقال : (بِما كَذَّبُوا بِهِ).
وذهب بعض أهل العلم إلى أن ما في حق العقلاء من التكذيب فبغير الباء نحو قوله : (فَكَذَّبُوا رُسُلِي) و (كَذَّبُوهُ) وغيره. وما في حق غيرهم فبالباء نحو : (كَذَّبُوا بِآياتِنا) وغيرها ، وعند المحققين [تقديره] (٨) كذبوا رسلنا برد آياتنا حيث وقع.
* قوله تعالى : (كَذلِكَ يَطْبَعُ اللهُ) (٩) فى هذه السورة. وفي يونس : (كَذلِكَ نَطْبَعُ) بالنون ؛ لأن في هذه السورة قد تقدم ذكر الله سبحانه بالصريح وبالكناية (١٠) ، فجمع بينهما فقال : (نَطْبَعُ عَلى قُلُوبِهِمْ) بالنون. وختم الآية بالصريح فقال : (كَذلِكَ يَطْبَعُ اللهُ).
__________________
وتبكيتهم على الفاحشة وتعظيم أمرها ، وفحشهم فيها ، قبل الإخبار عن سبقهم إليها. فكان قوله وأنتم تبصرون أى [لا تتكاتمون بها] ؛ لأنهم كانوا في مجالسهم لا يتحاشون عنها وقيل ... (وَأَنْتُمْ تُبْصِرُونَ) فحشها وشناعة قبحها.
(١) سورة الكهف (إِلَّا إِبْلِيسَ كانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ) من الآية : ٥٠.
(٢) سورة الأعراف (تِلْكَ الْقُرى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبائِها وَلَقَدْ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ) من الآية : ١٠١.
(٣) سورة يونس (ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِ رُسُلاً إِلى قَوْمِهِمْ فَجاؤُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ) من الآية : ٧٤.
(٤) سورة الأعراف (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ وَلكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْناهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ) الآية : ٩٦.
(٥) ز. فى «ق» ٢٥ / أ«د. م» ٢٦ / ب.
(٦) سورة يونس (فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْناهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَجَعَلْناهُمْ خَلائِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ) الآية : ٧٣ ، وبعدها الآية ٧٤ ذكرت في الحاشية رقم ٣.
(٧) كذا في «ق» ٢٥ / أو : «د. م» ٢٦ / ب. والبصائر : ٢١٦ ، وفي الأصلية : [ختم] والأول أليق.
(٨) ز. فى «ق» ٢٥ / أو «د. م» ٢٦ / ب. والبصائر : ٢١٦.
(٩) سورة الأعراف (تِلْكَ الْقُرى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبائِها وَلَقَدْ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا مِنْ قَبْلُ كَذلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلى قُلُوبِ الْكافِرِينَ) الآية : ١٠١.
(١٠) الآيات : من ٩٣ ـ ٩٨ بالكناية ، والآية : ٩٩ بالصريح (أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللهِ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ).