للتأكيد كما زعم بعضهم (١) لأن ذلك يزاد مع الألف واللام ملفوظا أو مقدرا.
* قوله تعالى : (وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ) (٢) فى هذه السورة. وفي الروم (٣) بلفظ المستقبل. وفي الفرقان (٤) وفاطر (٥) بلفظ الماضى ؛ لأن ما قبلها في هذه السورة : ذكر الخوف والطمع ، وهو قوله : (وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً) (٦) ، وهما يكونان في المستقبل لا غير ، فكان يرسل بلفظ المستقبل أشبه بما قبله.
وفي الروم قبله (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ) (٧) فجاء بلفظ المستقبل موافقا لما قبله.
وأما في الفرقان فقبله : (كَيْفَ مَدَّ الظِّلَ) الآية (٨) ، (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ) (٩) [وبعد الآية : (وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ) (١٠) و (خَلَقَ) (١٠)] (١٢) فكان الماضى أليق به.
وفي فاطر مبنى على أول السورة (الْحَمْدُ لِلَّهِ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ جاعِلِ الْمَلائِكَةِ
__________________
(١) ينفى الكرمانى وقوع [هم] ضمير فصل للتوكيد هنا ؛ لأن ضمير الفصل يأتى مع ما فيه الألف واللام نحو [المتقون هم الفائزون في الدنيا والآخرة]. وهو لا ينفى أن [هم] فى آية هود للتأكيد.
(٢) سورة الأعراف من الآية : ٥٧.
(٣) سورة الروم (اللهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَيَبْسُطُهُ فِي السَّماءِ كَيْفَ يَشاءُ) من الآية : ٤٨.
(٤) سورة الفرقان (وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً) الآية : ٤٨.
(٥) سورة فاطر (وَاللهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها كَذلِكَ النُّشُورُ) الآية : ٩.
تنبيه : كل فعل مستقبل في آية من السورة قابله فعل ماض في آية من سورة أخرى.
(وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ) فى الأعراف ٥٧ قابله : (وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ) فى الفرقان : ٤٨ ، (وَاللهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً) فى سورة فاطر : ٩ ، قابله : (اللهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً) فى سورة الروم : ٤٨.
وكلها سور مكية وهى بحسب ترتيب النزول : الأعراف : ٣٩ ، الفرقان : ٤٢ ، فاطر ٤٣ ، الروم ٨٤ وقد بأت بالمستقبل وانتهت به. فتأمله فإنه للقرآن برهان.
(٦) الأعراف (وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) الآية : ٥٦.
(٧) سورة الروم من الآية : ٤٦.
(٨) سورة الفرقان (أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شاءَ لَجَعَلَهُ ساكِناً ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلاً) الآية : ٤٥.
(٩) سورة الفرقان (وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِباساً وَالنَّوْمَ سُباتاً وَجَعَلَ النَّهارَ نُشُوراً) الآية : ٤٧.
(١٠ ، ١١) سورة الفرقان (وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هذا عَذْبٌ فُراتٌ وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُما بَرْزَخاً وَحِجْراً مَحْجُوراً. وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْماءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكانَ رَبُّكَ قَدِيراً) الآيتان : ٥٣ ، ٤٥.
(١٢) ما بين المعقوفين زيادة في «ت» ص ٢٤ ، والبصائر ١ / ٢١٠.