وقد ذكرت ذلك وأخبرت في كتاب (لباب التفاسير).
والذى يليق بهذا الكتاب أن نذكر ما السبب الذى خص هذه السورة بزيادة (لا) دون السورتين؟
قلت : لما حذف منها (يا إبليس) واقتصر على الخطاب جمع بين لفظ (١) المنع ولفظ (لا) زيادة في النفى ، وإعلاما أن المخاطب به إبليس خلافا للسورتين فإنه صرح فيها باسمه.
وإن شئت قلت : جمع (٢) فى هذه السورة بين ما في «ص» وما في «الحجر» فقال : (ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ) و «ما لك ألا تسجد» فحذف أن تسجد وحذف ما لك لدلالة الحال ، ودلالة السورتين عليه ، فبقى «ما منعك أن لا تسجد» وهذه / لطيفة فاحفظها.
* قوله تعالى : (قالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ) (٣) وفي «ص» مثله (٤) ، وقال في «الحجر» (لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ) (٥) فجاء على لفظ آخر ؛ لأن السؤال في الأعراف وص : (ما مَنَعَكَ) فلما اتفق السؤال ، اتفق الجواب وهو قوله : (أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ) ولما زاد في الحجر لفظ الكون في السؤال وهو قوله : (ما لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ) زاد في الجواب أيضا لفظ الكون فقال : (لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ).
* قوله تعالى : (أَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) (٦) ، وفي ص والحجر : (فَأَنْظِرْنِي) (٧) ؛ لأنه سبحانه لما اقتصر في السؤال على الخطاب دون صريح الاسم في هذه السورة ، اقتصر الجواب أيضا على الخطاب دون ذكر المنادى. وأما زيادة الفاء في السورتين دون هذه السورة
__________________
وقال القرطبى : [«ألا تسجد» فى موضع نصب أى من أن تسجد و «لا» زائدة. وفي ص : (ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ) وقيل : ليست بزائدة ... كأنه قال : «من قال لك ألا تسجد»] ٧ / ١٧٠ ، الجامع لأحكام القرآن.
(١) هذا ما يقتضيه السياق ، وفي الأصلية : [اللفظ].
(٢) أى اجتمع في آية الأعراف قوله في ص : (ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ) ، وقوله في الحجر : (ما لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ) الآية : ٣٢ ، ومن اجتمع القولين يفهم منه (ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ) و «ما لك ألا تسجد».
(٣) سورة الأعراف : الآية : ١٢.
(٤) سورة ص (قالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ) الآية : ٧٦.
(٥) سورة الحجر (قالَ لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ) الآية : ٣٣.
(٦) سورة الأعراف من الآية : ١٤.
(٧) سورة ص (قالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) الآية : ٧٩ ، وفي الحجر : (قالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) الآية : ٣٦.