ثم كان لقوله : (تَشابَهَ) (١) معنيان أحدهما : التبس (٢) ، والثانى : تساوى (٢). وما في البقرة (٤) معناه : التبس فحسب (٥) فبيّن بقوله : (مُشْتَبِهاً) ومعناه : «ملتبسا» أن ما بعده من باب الالتباس أيضا لا (٦) من باب التساوى ، والله أعلم.
* قوله تعالى : (ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) (٧) فى هذه السورة وفي المؤمن : (خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) (٨).
قدم (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) فى هذه السورة ؛ لأن فيما قبله ذكر الشركاء والبنين والبنات ، فدفع قول قائليه بقوله : (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ). ثم قال : (خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ).
وفي المؤمن قبله ذكر الخلق وهو : (لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ) (٩) فجرى الكلام على إثبات خلق الناس لا على نفى الشريك : فقدّم في كل سورة ما يقتضيه ما قبله من الآيات.
* قوله تعالى : (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ ما فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَما يَفْتَرُونَ) (١٠) ، وقال (١١) فى الآية الأخرى من هذه السورة : (وَلَوْ شاءَ اللهُ ما فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَما يَفْتَرُونَ) (١٢) ؛ لأن قوله : (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ) وقع عقيب آيات فيها ذكر الرب مرات وهى : (قَدْ جاءَكُمْ بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ) الآيات (١٣). فختمها بذكر الرب ليوافق آخرها أولها.
__________________
(١) كذا في البصائر ١ / ١٩٦ ، وفي الأصلية : [متشابه] والأول هو مقتضى السياق.
(٢) ما بين الترقيمين : عبارة البصائر ١ / ١٩٦ ، وفي الأصلية : [التبيين والثانى التساوى].
(٤) كذا في البصائر ١ / ١٩٧ ، وفي الأصلية : [القرآن].
(٥) كذا في البصائر ، وفي الأصلية : [التبين وكان معناه اشتبه التبين فحسب] وفيه تصحيف.
(٦) كذا في البصائر ١ / ١٩٧ ، وفي الأصلية : [لأنه].
(٧) سورة الأنعام (ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ) الآية : ١٠٢.
(٨) المؤمن [غافر](ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) الآية : ٦٢ ، وقد كرر الناسخ وقدم وأخر في النقل وهذا نص ما دونه : [قوله : (ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) قدم (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) فى هذه السورة (خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) فى هذه السورة. وفي المؤمن : (خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) قدم لا إله إلا هو في هذه السورة] ... إلخ. وقد قومنا العبارة من البصائر.
(٩) سورة المؤمن من الآية : ٥٧.
(١٠) سورة الأنعام من الآية : ١١٢.
(١١) كذا في البصائر ١ / ١٩٧. وفي الأصلية : [فقال].
(١٢) سورة الأنعام من الآية : ١٣٧.
(١٣) سورة الأنعام من الآية : ١٠٤. ووقع اسم الرب جل جلاله بعد هذه الآية في الآية : ١٠٦ (اتَّبِعْ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) ، وفي الآية : ١٠٨ : (لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ) ، ووقع قبلها في آيات أقربها إليها الآية : ١٠٢ (ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ).