لِي غُلامٌ) (١) ؛ لأن فى هذه السورة تقدم ذكر المسيح (٢) وهو ولدها. وفى مريم تقدم ذكر الغلام حيث قال : (لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا) (٣).
* قوله تعالى : (فَأَنْفُخُ فِيهِ) (٤) وفى المائدة : (فِيها) (٥).
قيل : الضمير فى هذه السورة يعود إلى الطير. وقيل : إلى الطين ، وقيل : إلى المهيّأ (٦) ، وقيل : إلى الكاف (٧) فإنه فى معنى مثل. وفى المائدة يعود إلى الهيئة.
__________________
الآية الأولى : (قالَ كَذلِكَ اللهُ يَفْعَلُ ما يَشاءُ) ، وفى الثانية : (قالَ كَذلِكِ اللهُ يَخْلُقُ ما يَشاءُ) ، ولبيان ذلك نقول :
إن الأول جاء عقب تعجب زكريا من تبشير الملائكة له بيحيى على كبر سنّه وعقر امرأته ، فالتعجب كان من أمر متعلق بحدوث أثر الفعل مع وجود ما يبطله وهو الكبر والعقر فناسب ذلك قوله : (يَفْعَلُ ما يَشاءُ). قال الكرمانى فى لباب التفاسير : [لا يعجزه شىء ويحتمل أن يكون «كذلك» صفة لمصدر محذوف تقدم على الموصوف وتقديره : «الله يفعل ما يشاء فعلا كذلك» أى كما وعدك من خلق الولد من شيخ وشيخة] لباب التفاسير ٥٥ / ب.
أما الثانى : فقد جاء عقب تعجب مريم من حملها مع كونها عذراء لم يمسسها بشر ، فالتعجب كان من خلق الولد فيها مع غياب السبب اللازم لحدوث الحمل فناسبه (كَذلِكِ اللهُ يَخْلُقُ ما يَشاءُ إِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ).
(١) سورة مريم (قالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا) الآية : ٢٠.
(٢) سورة آل عمران (إِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ. وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ) الآيتان : ٤٥ ، ٤٦.
(٣) سورة مريم (قالَ إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا) الآية : ١٩.
(٤) سورة آل عمران (وَرَسُولاً إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللهِ وَأُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ وَأُحْيِ الْمَوْتى بِإِذْنِ اللهِ وَأُنَبِّئُكُمْ بِما تَأْكُلُونَ وَما تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) الآية : ٤٩.
(٥) سورة المائدة (إِذْ قالَ اللهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلى والِدَتِكَ إِذْ أَيَّدْتُكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ تُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيها فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ) الآية : ١١٠.
(٦) أى إلى الهيئة التى يتم النفخ فيها.
(٧) فى النسخة الأصلية تعليق نصّه : [بل إلى الكاف لأنها صفة الهيئة التى كان يخلقها عيسى وينفخ فيها ولا يرجع إلى الهيئة المضاف إليها لأنها ليست من خلقه ولا نفخه فى شىء] ، وهو منقول بالنص من تفسير الزمخشرى وأول النقل : [الضمير للكاف «لأنها صفة»] ... إلخ ١ / ٣٧١.