الأولى لنسخ القبلة ، والثانية للسبب وهو قوله (وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ) : والثالثة للعلة وهو قوله : (لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ).
وقيل : الأولى فى مسجد المدينة ، والثانية خارج المسجد ، والثالثة خارج البلد. وقيل : فى الآيات خروجان : خروج إلى مكان ترى فيه الكعبة. وخروج إلى أى (١) مكان لا ترى [فيه] (٢) أى : الحالتان فيه سواء.
قلت : كرّر لأن المراد بذلك : الحال والمكان والزمان. وقلت أيضا : فى الآية الأولى : (وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ) ، وليس فيها : (وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ). وفى الآية الثانية (وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ).
وليس فيها (وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ) : فجمع فى الآية الثالثة بين قوله : (وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ) وبين قوله : (وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ) ليعلم أن النبى والمؤمنين فى ذلك سواء (٣).
* قوله تعالى : (إِلَّا الَّذِينَ تابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا) (٤) : ليس فى هذه السورة (مِنْ بَعْدِ ذلِكَ) ، وفى غيرها (٥) : (مِنْ بَعْدِ ذلِكَ) ؛ لأن قبله (٦) : (مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ)
__________________
(وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) الآية : ١٤٩.
(وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) الآية : ١٥٠.
(١) هذا ما يقتضيه السياق ؛ وفى الأصلية : [مكان أى].
(٢) زيادة فى «ز ـ ٢».
(٣) قال الإمام السيوطى فى معترك الأقران القسم الأول ص ٩١ ، ٩٢ :
[إنما كرر هذه الآيات ثلاث مرات لأن الأولى لنسخ القبلة. والثانية للسبب وهو قوله : (وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ) ، والثالثة للعلة وهى قوله : (لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ). وقيل الأولى فى مسجد المدينة] إلى آخر عبارة الكرمانى إلى قوله : [سواء].
(٤) سنام القرآن (إِلَّا الَّذِينَ تابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) الآية : ١٦٠.
(٥) (تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ) جاءت فى ثلاث آيات فى ثلاث سور :
ـ سورة آل عمران (إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) الآية : ٨٩.
ـ سورة النحل (ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُوا السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِها لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) الآية : ١١٩.
ـ سورة النور (إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) الآية : ٥.
وكلها غير مسبوقة بآية فيها (مِنْ بَعْدِ).
(٦) يعنى الآية التى سبقتها مباشرة وهى : (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتابِ أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ). سنام القرآن الآية : ١٥٩.