لأن «إلى» للانتهاء إلى الشيء من أى جهة كان. والكتب منتهية إلى الأنبياء وإلى أمتهم جميعا. والخطاب فى هذه السورة للأمة لقوله : (قُولُوا) فلم يصح إلا «إلى».
و «على» مختص بجانب الفوق وهو مختص بالأنبياء ؛ لأن الكتب منزلة عليهم لا شركة للأمة فيها (١) ، وكان فى آل عمران (قُلْ) وهو خطاب للنبى صلىاللهعليهوآلهوسلم دون أمته.
فكان الذى يليق به «على».
وزاد أيضا فى هذه السورة (وَما أُوتِيَ) (٢) ، وحذفت من آل عمران ؛ لأن فى آل عمران قد تقدم ذكر الإيتاء فى حق الأنبياء حيث قال : (لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ) (٣).
* قوله تعالى : (تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ) هذه الآية مكررة (٤) لأن المراد بالأول الأنبياء.
وبالثانى أسلاف اليهود والنصارى. وقال القفال (٥) : الأول لإثبات ملة إبراهيم لهم جميعا. والثانى لنفى اليهودية والنصرانية عنهم (٦).
* قوله تعالى : (وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ) : هذه الآية مكررة ثلاث مرات (٧) : قيل لأن
__________________
= وَالْأَسْباطِ وَما أُوتِيَ مُوسى وَعِيسى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ) من الآية : ٨٤.
(١) كذا فى البصائر ١ / ١٤٨ ، وفى الأصلية : [فيه].
(٢) يعنى أن الإيتاء ذكر مع النبيين فى آية سورة البقرة ولم يذكر معهم فى آية سورة آل عمران.
(٣) سورة آل عمران (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ) من الآية : ٨١.
(٤) سورة البقرة : الآيتان ١٣٤ ، ١٤١ (تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَها ما كَسَبَتْ وَلَكُمْ ما كَسَبْتُمْ وَلا تُسْئَلُونَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ).
(٥) الإمام أبو بكر محمد بن على بن إسماعيل الشاشى الشافعى المعروف بالقفال الكبير (٢٩١ ـ ٣٦٥ ه) : نشر المذهب ما وراء النهر ، وله كتاب كبير فى التفسير ، وألف فى دلائل النبوة وأصول الفقه وشرح الرسالة للإمام الشافعى.
(٦) اعتقد أهل الكتاب أن تعلقهم بأسلافهم ممن كان على سنن إبراهيم وإسحاق ويعقوب والأنبياء من بعدهم صلوات الله وسلامه عليهم وأن هذا التعلق كاف لنجاتهم ، قيل لهم : هذا التعلق بدون الاهتداء بهديهم لا ينفعكم ، بل لهم أعمالهم ولكم أعمالكم [الآية : ١٣٤]. وفى الآية الثانية [١٤١] لما تقوّلوا على إبراهيم الخليل وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وقالوا إنهم كانوا هودا أو نصارى. قيل لهم : أأنتم أعلم أم الله. ومن أظلم منكم إذ علمتم تحريفكم واجترامكم! وبعد هذا فكل مطلوب بنفسه وما اجترحه. (تِلْكَ أُمَّةٌ) الآية : ١٤١.
(٧) (وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ) تكرر فى الآيتين ١٤٩ ، ١٥٠ وقوله تعالى : (وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ) تكرر فى الآيتين ١٤٤ ، ١٥٠ وقوله تعالى : (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) تكرر ثلاث مرات فى الآيات ١٤٤ ، ١٤٩ ، ١٥٠ : (قَدْ نَرى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّماءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضاها فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ) الآية : ١٤٤.