* قوله تعالى : (رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً). (١) وفى إبراهيم : (هَذَا الْبَلَدَ آمِناً) (٢) ؛ لأن (هذا) (٣) إشارة إلى المذكور (٤) فى قوله : (بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ) (٥) قبل بناء البيت. وفى إبراهيم إشارة إلى البلد بعد البناء ، فيكون (بَلَداً) فى هذه السورة المفعول الثانى و (آمِناً) صفته. والبلد فى إبراهيم المفعول الأول و (آمِناً) المفعول الثانى.
وقيل : لأن النكرة إذا تكررت صارت معرفة. وقيل : تقديره فى البقرة : «هذا البلد بلدا آمنا» فحذف البلد اكتفاء بالإشارة فيكون كالإتيان سواء (٦).
* قوله تعالى : (وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا) (٧) فى هذه السورة. وفى آل عمران : (عَلَيْنا) (٨) ؛
__________________
(١) سورة البقرة (وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) من الآية : ١٢٦.
(٢) سورة إبراهيم (وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ) الآية : ٣٥.
(٣) يقصد اسم الإشارة فى آية سورة البقرة.
(٤) أى إشارة إلى أن الموضع واد غير ذى زرع.
(٥) سورة إبراهيم (رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ) الآية : ٣٧.
(٦) لم يخرج ما ذكره الإمام السيوطى عن هذا : فى الإتقان ١ / ١٣٣ ، ١٣٤ ومعترك الأقران : القسم الأول ٨٩ ، ٩٠.
وهو ما ذكره الخطيب فى درة التنزيل ٢٣ ، ٢٤. وهو بعيد وليس بمفهوم من لفظ الآى إلا بتوجيه ضعيف. وما ذكره الإمام أحمد بن إبراهيم الثقفى الغرناطى فى ملاك التأويل أقوى ، وهو أن اسم الإشارة فى آية سورة البقرة لم يقصد تبعيته اكتفاء بالواقع قبله من قوله تعالى : (وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْناً) وقوله : (وَعَهِدْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعاكِفِينَ) من الآية ١٢٥ من السورة. وتعريف البيت حاصل منه تعريف البلد لا سيما بما تقدم من قول إبراهيم عند نزوله بولده بحرم الله ودعائه أولا بقوله : (رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ) سورة إبراهيم من الآية : ٣٧. فتعريف البيت تعريف للبلد. فورد اسم الإشارة غير مفتقر إلى التابع المبين جنسه كالجارى فى أسماء الإشارة اكتفاء بما تقدمه مما يحصل منه مقصود البيان فانتصب بلدا مفعولا ثانيا وآمنا نعتا له. واسم الإشارة مفعولا أول غير محتاج إلى تابع لقيام ما تقدم مقامه. أما آية سورة إبراهيم فلم يتقدمها ما يقوم لاسم الإشارة مقام التابع المعرف بجنس ما يشار إليه ، فاحتاج إلى إجراء البلد عليه تابعا له بالألف واللام على المعهود فى أسماء الإشارة من تعيين جنس المشار إليه ، هذا التوجيه أولى من توجيه المصنف.
تنبيه : سورة إبراهيم نزلت فى مكة قبل نزول سورة البقرة التى نزلت فى المدينة.
(٧) سورة البقرة (قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَما أُنْزِلَ إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وَما أُوتِيَ مُوسى وَعِيسى وَما أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ) من الآية : ١٣٦.
(٨) سورة آل عمران (قُلْ آمَنَّا بِاللهِ وَما أُنْزِلَ عَلَيْنا وَما أُنْزِلَ عَلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ =