وسواد ، وأدمة وحمرة.
ونحوه قوله : (وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوانِكُمْ) [الروم : ٢٢].
وذهب قوم في قول الله وكلامه : إلى أنه ليس قولا ولا كلاما على الحقيقة ، وإنما هو إيجاد للمعاني. وصرفوه في كثير من القرآن إلى المجاز ، كقول القائل : قال الحائط فمال ، وقل برأسك إليّ ، يريد بذلك الميل خاصة ، والقول فضل.
وقال بعضهم في قوله للملائكة : (اسْجُدُوا لِآدَمَ) [البقرة : ٣٤] : هو إلهام منه للملائكة ، كقوله : (وَأَوْحى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ) [النحل : ٦٨] أي ألهمها. وكقوله : (وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ، ما يَشاءُ) [الشورى : ٥١] وذهبوا في الوحي هاهنا : إلى الإلهام.
وقالوا في قوله للنساء والأرض : (ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ) [فصلت : ١١] : لم يقل الله ولم يقولا ، وكيف يخاطب معدوما؟ وإنما هذا عبارة : لكوّناهما فكانتا.
قال الشاعر حكاية عن ناقته (١) :
تقول إذا درأت لها وضيني : |
|
أهذا دينه أبدا وديني |
أكلّ الدّهر حلّ وارتحال؟ |
|
أما يبقي عليّ ولا يقيني؟ |
وهي لم تقل شيئا من هذا ، ولكنه رآها في حال من الجهد والكلال ، فقضى عليها بأنها لو كانت ممن تقول لقالت مثل الذي ذكر.
وكقول الآخر (٢) :
شكا إليّ جملي طول السّرى
__________________
(١) البيتان من الوافر ، وهما للمثقب العبدي في ديوانه ص ١٩٥ ، ١٩٨ ، والبيت الأول في لسان العرب (درأ) ، (دين) ، (وضن) ، وتهذيب اللغة ١٤ / ١٥٩ ، وتاج العروس (درأ) ، (دين) ، (وضن) ، وشرح اختيارات المفضل ص ١٢٦٣ ، والبيت بلا نسبة في جمهرة اللغة ص ٦٨٨ ، ٩١٣ ، ١٢٦٦ ، ومجمل اللغة ٢ / ٢٦٦ ، ومقاييس اللغة ٢ / ٢٧٣ ، والمخصص ١٧ / ١٥٥ ، وديوان الأدب ٣ / ٣٢٧. ويروى عجز البيت الثاني بلفظ : أما تبقي عليّ ولا تقيني
وهو في لسان العرب (حلل) ، وتهذيب اللغة ٣ / ٤٣٦ ، وشرح اختيارات المفضل ص ١٢٦٣.
(٢) يروى الرجز بتمامه :
يشكو إليّ جملي طول السّرى |
|
صبر جميل فكلانا مبتلى |