والأرض معقلنا وكانت أمّنا |
|
فيها مقابرنا وفيها نولد |
وقال يذكرها (١) :
منها خلقنا وكانت أمّنا خلقت |
|
ونحن أبناؤها لو أننا شكر |
هي القرار فما نبغي بها بدلا |
|
ما أرحم الأرض إلا أنّنا كفر |
وقال الله تعالى في الكافر : (فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ (٩)) [القارعة : ٩] لمّا كانت الأمّ كافلة الولد وغاذيته ، ومأواه ومربّيته ، وكانت النار للكافر كذلك ـ جعلها أمّه.
وقال في أزواج النبي ، صلىاللهعليهوسلم : (وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ) [الأحزاب : ٦] ، أي : كأمهاتهم في الحرمات.
وفي (التوراة) (إنّ الله برّك اليوم السابع وطهّره ، من أجل أنه استراح فيه من خليقته التي خلق).
وأصل الاستراحة : أن تكون في معاناة شيء ينصبك ويتعبك ، فتستريح.
ثم ينتقل ذلك فتصير الاستراحة بمعنى : الفراغ. تقول في الكلام : استرحنا من حاجتك وأمرنا بها. تريد فرغنا ، والفراغ ، أيضا يكون من الناس بعد شغل.
ثم قد ينتقل ذلك فيصير في معنى القصد للشيء ، تقول : لئن فرغت لك ، أي قصدت قصدك.
وقال الله تعالى : (سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ (٣١)) [الرحمن : ٣١]. والله تبارك وتعالى لا يشغله شأن عن شأن. ومجازه : سنقصد لكم بعد طول التّرك والإمهال.
وقال قتادة : قد دنا من الله فراغ لخلقه. يريد : أن الساعة قد أزفت وجاء أشراطها.
وتأوّل قوم في قوله تعالى : (فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ (٨)) [الانفطار : ٨] معنى (التناسخ). ولم يرد الله في هذا الخطاب إنسانا بعينه ، وإنما خاطب به جميع الناس كما قال : (يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ إِنَّكَ كادِحٌ إِلى رَبِّكَ كَدْحاً) [الانشقاق : ٦] كما يقول القائل : يا أيها الرجل ، وكلّكم ذلك الرجل.
فأراد أنه صوّرهم وعدّلهم ، في أيّ صورة شاء ركّبهم : من حسن وقبح ، وبياض
__________________
(١) البيتان من البسيط ، وهما في ديوان أمية بن أبي الصلت ص ٣٢.