يريد : من أقطارها.
فإذا أقام الوليان مقام الذّمّيين لليمين ، حلفا بالله لقد ظهرنا على خيانة الذميين وكذبهما وتبديلهما ، وما اعتدينا عليهما ، و (لَشَهادَتُنا أَحَقُّ مِنْ شَهادَتِهِما) أي : أصحّ لكفرهما وإيماننا.
فإذا حلف الوليان على ما ظهرا عليه ، رجع على الذّمّيين بما اختانا ، ونقض ما مضى عليه الحكم بشهادتهما.
ثم قال سبحانه : (ذلِكَ أَدْنى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهادَةِ عَلى وَجْهِها) أي : هذا الحكم أقرب بهم إلى أن يأتوا بالشهادة على وجهها ، يعني أهل الذمة (أَوْ يَخافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمانٌ) على أولياء الميت (بَعْدَ أَيْمانِهِمْ) فيحلّفوا على خيانتهم وكذبهم ، فيفضحوا ، أو يغرّموا.
وأكثر العلماء يذهب إلى أن هذا باب من الحكم (محكم) وأنه لم ينسخ من سورة المائدة شيء ، لأنها آخر ما نزل.
وبعضهم يذهب إلى أنه منسوخ بقوله سبحانه :
(وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ) [البقرة : ٢٨٢].
في سورة الروم
(ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلاً مِنْ أَنْفُسِكُمْ هَلْ لَكُمْ مِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ شُرَكاءَ فِي ما رَزَقْناكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَواءٌ تَخافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (٢٨)) [الروم : ٢٨].
هذا مثل ضربه الله لمن جعل له شركاء من خلقه ، فقال قبل المثل : (وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ) [الروم : ٢٧] يريد : إعادته على المخلوق أهون من ابتدائه ، لأنه ابتدأه في الرحم نطفة ، وعلقة ، ومضغة ، وإعادته تكون بأن يقول له : (كُنْ فَيَكُونُ) [الأنعام : ٧٣] فذلك أهون على المخلوق من النشأة الأولى. كذلك قال ابن عباس في رواية أبي صالح.
وإن جعلته لله ، جعلت أهون بمعنى : وهو هيّن عليه ، أي سهل عليه.
(وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى) [الروم : ٢٧] يعني : شهادة أن لا إله إلا الله.