وروى معاوية بن عمرو (١) ، عن زائدة (٢) ، عن زكريا (٣) ، عن الشعبي (٤) أنه قال :
مات رجل بدقوقا ولم يشهده إلا نصرانيّان ، فأشهدهما على وصيته ، فقدما الكوفة وأبو موسى الأشعري (٥) عليهما ، فتقدّما إليه فأحلفهما في مسجد الكوفة بعد العصر : بالله ما بدّلا ولا كتما ولا كذبا وأجاز شهادتهما.
(فَإِنْ عُثِرَ) بعد هذه اليمين أي : ظهر (عَلى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً) أي : حنثا في اليمين بكذب في قول ، أو خيانة في وديعة (فَآخَرانِ يَقُومانِ مَقامَهُما مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيانِ) أي : قام في اليمين مقامهما رجلان من قرابة الميت الذين استحق منهم الأوليان ، وهما الوليّان ، يقال : هذا الأولى بفلان ، ثم يحذف من الكلام بفلان ، فتقول : هذا الأولى ، وهذان الأوليان ، كما تقول : هذا الأكبر ، في معنى الكبير ، وهذا الأكبران ، و (عَلَيْهِمُ) بمعنى (منهم) ، كما تقول : استحققت عليك كذا ، واستوجبت عليك كذا ، وأي : استحققته منك ، واستوجبته منك ، وقال الله سبحانه : (الَّذِينَ إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ) [المطففين : ٢].
أي من الناس.
وقال صخر الغيّ (٦) :
متى ما تنكروها تعرفوها |
|
على أقطارها علق نفيث |
__________________
(١) هو معاوية بن عمرو بن خالد بن غلاب ، توفي سنة ٢١٤ ه (خلاصة تذهيب الكمال ص ١٠٢ ، والطبقات الكبرى لابن سعد ٢ / ١٦٨ ، ٣ / ٢٥٨ ، ٧ / ٢٤٥).
(٢) هو زائدة بن قدامة الثقفي ، توفي غازيا بأرض الروم سنة ٢٦٢ ه (خلاصة تذهيب الكمال ص ١٠٢ ، والطبقات الكبرى لابن سعد ٦ / ٣٥٥).
(٣) هو زكريا بن أبي زائدة ، توفي سنة ٢٤٨ ه. (خلاصة تذهيب الكمال ص ١٠٤ ، والطبقات الكبرى لابن سعد ٦ / ٣٣٩).
(٤) الشعبي : هو أبو عمرو ، عامر بن شراحيل بن عبد الشعبي ، كوفي تابعي جليل القدر وافر العلم ، توفي سنة ١٠٩ ه. (أسماء التابعين ١ / ٢٦٧ ، والطبقات الكبرى لابن سعد ٦ / ٢٥٩).
(٥) أبو موسى الأشعري : هو عبد الله بن قيس بن سليم بن حرب ، أبو موسى ، من بني الأشعر من قحطان ، صحابي توفي سنة ٤٤ ه. (طبقات ابن سعد ٤ / ٧٩ ، والأعلام ٤ / ١١٤).
(٦) البيت من الوافر ، وهو لأبي المثلم الهذلي في شرح أشعار الهذليين ص ٢٦٤ ، وديوان الهذليين ص ٢٢٤ ، والأزهية ص ٢٧٦ ، ولصخر الغي في خزانة الأدب ٢ / ١٩٩ ، ولسان العرب (نفث) ، والمعاني الكبير ٢ / ٩٧٠ ، وأدب الكاتب ص ٥٢١ ، والمقصور والممدود ص ١٠٣ ، وبلا نسبة في تفسير الطبري ٧ / ٧٩.