تبدوا كواكبه والشمس طالعة |
|
لا النّور نور ولا الإظلام إظلام |
ونحوه قول طرفة في وصف امرأة (١) :
إن تنوّله فقد تمنعه |
|
وتريه النّجم يجري بالظّهر |
يقول : تشقّ عليه حتى يظلم نهاره فيرى الكواكب ظهرا.
والعامة تقول : أراني فلانّ الكواكب بالنّهار ، إذا برّح به.
وقال الأعشى (٢) :
رجعت لما رمت مستحسرا |
|
ترى للكواكب ظهرا وبيصا |
أي : رجعت كئيبا حسيرا ، قد أظلم عليك نهارك ، فأنت ترى الكواكب تعالي النّهار بريقا.
وقد اختلف الناس في قول الله عزوجل : (فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ) [الدخان : ٢٩].
فذهب به قوم مذاهب العرب في قولهم : بكته الريح والبرق. كأنه يريد أنّ الله عزوجل حين أهلك فرعون وقومه وغرّقهم وأورث منازلهم وجنّاتهم غيرهم ـ لم يبك عليهم باك ، ولم يجزع جازع ، ولم يوجد لهم فقد.
وقال آخرون : أراد : فما بكى عليهم أهل السماء ولا أهل الأرض. فأقام السماء والأرض مقام أهلهما ، كما قال تعالى : (وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ) [يوسف : ٨٢] ، أراد أهل القرية.
وقال : (حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها) [محمد : ٤] ، أي يضع أهل الحرب السّلاح.
وقال ابن عباس : لكل مؤمن باب في السماء يصعد فيه عمله ، وينزل منه رزقه ، فإذا مات بكى عليه الباب ، وبكت عليه آثاره في الأرض ومصلّاه. والكافر لا يصعد له عمل ، ولا يبكي له باب في السماء ولا أثره في الأرض.
ومن هذا الباب قول الله عزوجل : (وَإِنْ يَكادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ) [القلم : ٥١] يريد أنهم ينظرون إليك بالعداوة نظرا شديدا يكاد يزلقك من شدّته ، أي يسقطك.
__________________
(١) البيت من الرمل ، وهو في ديوان طرفة بن العبد ص ٥٢ ، وتهذيب اللغة ١٠ / ٤٠٣ ، ١٥ / ٣٧١ ، ومجمل اللغة ٨ / ٣٣٢ ، وأساس البلاغة (نول) ، وتاج العروس (نول) ، وفيه : «في الظهر» بدل : «بالظهر». والبيت بلا نسبة في لسان العرب (نول).
(٢) البيت من المتقارب ، وهو في ديوان الأعشى ص ٢٥٥.