ومنها : قول عمر : «ما سألت النبى ، صلىاللهعليهوسلم ، عن شىء أكثر مما سألته عن الكلالة ، حتى طعن بإصبعه فى صدرى ، وقال : تكفيك آية الصيف التى فى آخر سورة النساء».
ومنها : الأحاديث فى خواتيم سورة البقرة.
ومنها : قول أبى الدرداء : «من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من الدجال».
ومن النصوص الدالة على ذلك إجمالا : ما ثبت من قراءته صلىاللهعليهوسلم لسورة عديدة ، كسورة البقرة ، وآل عمران ، والنساء ، والأعراف ، وقد أفلح ، والروم ، والم تنزيل ، وهل أتى على الإنسان ، والرحمن ، واقتربت ، والجمعة ، والمنافقون ، والصف ، وتدل قراءته صلىاللهعليهوسلم لها بمشهد من الصحابة أن ترتيب آياتها توقيفى ، وما كان الصحابة ليرتبوا ترتيبا سمعوا النبى صلىاللهعليهوسلم ، يقرأ على خلافه ، فبلغ ذلك مبلغ التواتر. ويروى عن الزبير أنه قال : أنى الحارث بن خزيمة بهاتين الآيتين من آخر سورة براءة فقال : أشهد أنى سمعتها من رسول الله ، صلىاللهعليهوسلم ، ووعيتهما ، فقال عمر : وأنا أشهد ، لقد سمعتهما ، ثم قال : لو كانت ثلاث آيات لجعلتها سورة على حدة ، فانظروا آخر سورة من القرآن فألحقوها فى آخرها ، وظاهر هذا أنهم كانوا يؤلفون آيات السور باجتهادهم ، وسائر الأخبار تدل على أنهم لم يفعلوا شيئا من ذلك إلا بتوقيف.
وعن أبىّ بن كعب أنهم جمعوا القرآن ، فلما انتهوا إلى الآية التى فى سورة براءة : (ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ) ظنوا أن هذا آخر ما أنزل ، فقال أبىّ : إن رسول الله ، صلىاللهعليهوسلم ، أقرأنى آية : (لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ) إلى آخر السورة.
وترتيب الآيات فى السور بأمر من النبى ، صلىاللهعليهوسلم ، ولم يأمر بذلك فى أول براءة تركت بلا بسملة. وقيل : ترتيب الآيات أمر واجب وحكم لازم ، فقد كان جبريل يقول : ضعوا آية كذا فى موضع كذا. والذى نذهب إليه أن جميع القرآن الذى انزله الله وأمر بإثبات رسمه ولم ينسخه ولا رفع تلاوته بعد نزوله هو هذا الذى بين الدفتين الذى حواه مصحف عثمان ، وأنه لم ينقص منه شىء ولا زيد فيه ، وأن ترتيبه ونظمه ثابت على ما نظمه الله تعالى ، ورتبه عليه رسوله من آى السور ، لم يقدم