٢٣
جمع أبى بكر وعثمان للقرآن
وعن ابن شهاب قال : لما أصيب المسلمون باليمامة فزع أبو بكر وخاف أن يذهب من القرآن طائفة ، فأقبل الناس بما كان معهم وعندهم حتى جمع على عهد أبى بكر فى الورق ، فكان أبو بكر أول من جمع القرآن فى المصحف.
ويقول زيد بن ثابت : فأمرنى أبو بكر فكتبته فى قطع الأديم والعسب ، فلما توفى أبو بكر وكان عمر ، كتبت ذلك فى صحيفة واحدة فكانت عنده.
وعن أنس : أن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان ، وكان يغازى أهل الشام فى فتح أرمينية وأذربيجان ، مع أهل العراق ، فأفزع حذيفة اختلافهم فى القراءة ، فقال العثمان : أدرك الأمة قبل أن يختلفوا اختلاف اليهود والنصارى ، فأرسل إلى حفصة ، أن أرسلى إلينا الصحف ننسخها فى المصاحف ثم نردّها إليك ، فأرسلت بها إليه حفصة ، فأمر زيد بن ثابت : عبد الله بن الزبير ، وسعيد بن العاص ، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، فنسخوها فى المصاحف.
وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة : إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت فى شىء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش ، فإنه إنما نزل بلسانهم ، ففعلوا ، حتى إذا نسخوا الصحف فى المصاحف ردّ عثمان الصحف إلى حفصة ، وأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا. وأمر بما سواه من القرآن فى كل صحيفة أو مصحف أن يحرق.
قال زيد : ففقدت آية من الأحزاب حين نسخنا المصحف ، قد كنت أسمع رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، يقرأ بها ، فالتمسناها فوجدناها مع خزيمة بن ثابت الأنصارى : (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ) فألحقناها فى سورتها فى المصحف.
وكان ذلك فى سنة خمس وعشرين.
ويقال : إن المسلمين اختلفوا فى القرآن على عهد عثمان ، حتى اقتتل الغلمان والمعلمون. فبلغ ذلك عثمان بن عفان فقال : عندى تكذبون به وتلحنون فيه! فمن نأى