صفة النبى صلىاللهعليهوسلم بإفادة أنه الموصوف فى كتابهم ، وذلك مناسب لقوله : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها) فهذا عام فى كل أمانة ، وذلك خاص بأمانة ، هى صفة النبى ، صلىاللهعليهوسلم ، بالطريق السابق ، والعام تال للخاص فى الرسم ، متراخ عنه فى النزول ، والمناسبة تقتضى دخول ما دل عليه الخاص والعام.
المسألة الرابعة : قال الواحدى : لا يحلّ القول فى أسباب نزول الكتاب إلا بالرواية والسماع ممن شاهدوا التنزيل ، ووقفوا على الأسباب وبحثوا عن علمها.
وقد قال محمّد بن سيرين : سألت عبيدة عن آية من القرآن ، فقال : اتق الله وقل سدادا ، ذهب الذين يعلمون فيما أنزل الله من القرآن.
وقيل : معرفة سبب النزول أمر يحصل للصحابة بقرائن تحتف بالقضايا ، وربما لم يجزم بعضهم فقال : أحسب هذه الآية نزلت فى كذا. فعن عبد الله بن الزبير قال : خاصم الزبير رجلا من الأنصار فى شراج الحرة ، فقال النبى ، صلىاللهعليهوسلم : اسق يا زبير ثم أرسل الماء إلى جارك ، فقال الأنصارى : يا رسول الله ، إن كان ابن عمتك ، فتلوّن وجهه.
قال الزبير : فما أحسب هذه الآيات إلا نزلت فى ذلك : (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ).
وقيل : إذا أخبر الصحابى ، الذى يشهد الوحى والتنزيل ، عن آية من القرآن أنها نزلت فى كذا ، فإنه حديث مسند.
وقال ابن تيمية : قولهم نزلت هذه الآية فى كذا ، يراد به تارة سبب النزول ، ويراد به تارة أن ذلك داخل فى الآية ، وإن لم يكن السبب ، كما تقول عنى بهذه الآية كذا.
وقد تنازع العلماء فى قول الصحابى : نزلت هذه الآية فى كذا ، هل يجرى مجرى المسند كما لو ذكر السبب الذى نزلت لأجله ، أو يجرى مجرى التفسير منه الذى ليس بمسند؟ فالبخارى يدخله فى المسند ، وغيره لا يدخله فيه ، وأكثر المسانيد على هذا الاصطلاح كمسند أحمد وغيره ، بخلاف ما إذا ذكر سببا نزلت عقبه ، فإنهم كلهم يدخلون مثل هذا فى المسند.