والثانى ، أى الطباق ، لا يكون إلا بأضداد ، والمقابلة بالأضداد وبغيرها.
ومن خواص المقابلة أنه إذا شرط فى الأول أمر شرط فى الثانى ضده كقوله تعالى : (فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى) الآيتين ، قابل بين الإعطاء والبخل ، والاتقاء والاستغناء ، والتصديق والتكذيب ، واليسرى والعسرى ؛ ولما جعل التيسير فى الأول مشتركا بين الإعطاء والاتقاء والتصديق ، جعل ضده وهو التعسير مشتركا بين أضدادها.
وقيل : المقابلة إما لواحد بواحد ، كقوله : (لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ) واثنين باثنين كقوله : (فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً وَلْيَبْكُوا كَثِيراً).
وثلاثة بثلاثة كقوله : (يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ).
وأربعة بأربعة كقوله : (فَأَمَّا مَنْ أَعْطى) الآيتين.
أو خمسة بخمسة كقوله : (إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ما) الآيات ، قابل بين (بَعُوضَةً فَما فَوْقَها) ، وبين : (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا) ، (وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا) وبين : (يُضِلُ وَيَهْدِي) ، وبين : (يَنْقُضُونَ) ، و (مِيثاقَ) ، وبين : (يَقْطَعُونَ) ، و (أَنْ يُوصَلَ).
أو ستة بستة كقوله : (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ) الآية ، ثم قال : (قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ) الآية ، قابل الجنات والأنهار ، والخلد والأزواج ، والتطهير والرضوان ، بإزاء النساء والبنين ، والذهب والفضة ، والخيل المسومة والأنعام والحرث.
وقيل ، تنقسم المقابلة إلى ثلاثة أنواع : نظيرى ، ونقيضى ، وخلافى.
مثال الأول : مقابلة السنة بالنوم فى الآية الأولى ، فإنهما جميعا من باب الرقاد المقابل باليقظة فى آية : (وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقاظاً وَهُمْ رُقُودٌ).
وهذا مثال الثانى فإنهما نقيضان.
ومثال الثالث : مقابلة الشرّ بالرشد فى قوله : (أَنَّا لا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً) فإنهما خلافان لا نقيضان ، فإن نقيض الشرّ الخير والرشد الغى.