القيامة ، ومن سنّ سنّة سيّئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة». (وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً) أي : مقتدرا من أقات على الشيء : إذا قدر عليه ، أو شهيدا حافظا فيجازى على قدر الأعمال.
ومن هذا أيضا : السلام ، فإنه سبب فى ثواب الرد ، لذلك ذكره الحق فى سلك الدلالة على الخير فقال : (وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها) بأن تقولوا : وعليكم السلام والرحمة والبركة ، (أَوْ رُدُّوها) بأن تقولوا : وعليكم السلام.
وفى الخبر : «من قال لأخيه المسلم : السّلام عليكم ، كتب الله له عشر حسنات ، فإن قال : السّلام عليكم ورحمة الله ، كتب الله له عشرين حسنة ، فإن قال : وبركاته ، كتب الله ثلاثين» ، وكذلك لمن ردّ ، فإن اقتصر على السلام ، فعشر ، وهكذا .. فإن ذكر المسلم الرحمة والبركة ، قال الرادّ : وعليكم ، فقط ، إذ لم يبق ما يزاد ، ورد السلام واجب على الكفاية ، حيث يكون مشروعا ، فلا يرد فى الخطبة ، وقراءة القرآن ، والذكر والتفكر ، والاعتبار ، ونظرة الشهود والاستبصار ، لأنه يفتر ويشوش ، وفى الحمام إذا كانوا عراة ، وفى حال الجماع والأكل والشرب وغيرها من المسائل المستثناة. وقد نظمه بعضهم ، فقال :
ردّ السّلام واجب إلا على |
|
من فى الصّلاة أو بأكل شغلا |
أو شرب أو قراءة أو أدعيه |
|
أو ذكر أو خطبة أو تلبيه |
والسلام من تحية أهل الإسلام ، خاصّ بهم. لذلك استغرب الخضر ـ عليهالسلام ـ سلام سيدنا موسى عليهالسلام فقال له : «وأنّى بأرضك السّلام» ، وكذلك خليل الله إبراهيم عليهالسلام ، إنما أنكر الملائكة حيث سلموا عليه بتحية أهل الإسلام ؛ لأنه كان بين أظهر قوم كفار ، أما سلام أبى ذر على النبي صلىاللهعليهوسلم بتحية أهل الإسلام ، قبل أن يسلم ، فلعله سمعه من بعض الصحابة قبل أن يسلم ، أو إلهام من الله. والله تعالى أعلم.
(إِنَّ اللهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً) يحاسبكم على التحية وغيرها. وبالله التوفيق.
الإشارة : فجاهد أيها الإنسان نفسك فى سبيل الله ، لا تكلف إلا إصلاحها وتزكيتها ، وحرض من يسمع قولك من المؤمنين على جهاد أنفسهم ، عسى الله أن يكف عنهم القواطع والعلائق ، فيتأهلون لإشراق قلوبهم بأنوار الحقائق ، فإن الله لا يغلبه شىء ، فمن ذكّر عباد الله ، ودسهم إلى حضرة الله كان حظه كبيرا عند الله. ومن دلهم على غير الله فقد غشهم وكان مهانا عند الله ، وإذا وقع السلام على الفقراء ؛ فإن كانوا سالكين غير مشتغلين بالذكر