النساء بكمال العقل وحسن التدبير ومزيد القوة فى الأعمال والطاعات ، ولذلك خصوا بالنبوة ، والإمامة ، والولاية ، وإقامة الشعائر ، والشهادة ، فى مجامع القضايا ، ووجوب الجهاد والجمعة ونحوهما ، والتعصيب ، وزيادة السهم فى الميراث ، والاستبداد بالطلاق. والكسبي هو : (بما أنفقوا من أموالهم) فى مهورهن ، ونفقتهن ، وكسوتهن.
فيجب على الزوج أن يقوم بالعدل فى أمر نسائه ، فالمرأة الصالحة القانتة ، أي : المطيعة لزوجها ولله تعالى ، الحافظة للغيب ، أي : لما غاب عن زوجها من مال بيته وفرجها وسر زوجها ، حفظت ذلك بحفظ الله ، أي : بما جعل الله فيها من الأمانة والحفظ ، وبما ربط على قلبها من الديانة ، أو بحفظها حق الله ، فلما حفظت حقوق الله حفظها الله بعصمته ، لقوله ـ عليه الصلاة والسلام ـ : «احفظ الله يحفظك». فمن كانت على هذا الوصف من النساء فيجب على الزوج حسن القيام بها ، ومقابلتها فى القيام بما قابلته من الإحسان ، وعنه صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «خير النساء امرأة إن نظرت إليها سرّتك ، وإن أمرتها أطاعتك ، وإن غبت عنها حفظتك فى مالها ونفسها». وتلا هذه الآية.
وأما النساء التي (تَخافُونَ) أي : تتيقنون (نُشُوزَهُنَ) أي : ترفعهن عن طاعة أزواجهن وعصيانهن ، (فَعِظُوهُنَ) بالقول ، فإن لم ينفع فاهجروهن فى المضاجع ، أي : لا تدخلوا معهن فى لحاف ، أو لا تجامعوهن ، فإن لم ينفع فاضربوهن ضربا غير مؤلم ولا شائن. قال صلىاللهعليهوسلم : «علّق السّوط حيث يراه أهل البيت». وعن أسماء بنت أبى بكر ـ رضى الله عنهما ـ قالت : (كنت رابع نسوة عند الزبير بن العوام ، فإذا غضب على إحدانا ، ضربها بعود المشجب ، حتى ينكسر). والمشجب : أعواد مركبة يجعل عليها الثياب.
(فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ) يا معشر الأزواج ، أو عقدن التوبة مما مضى ، (فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً) أي : لا تطلبوا عليهن طريقا تجعلونه سبيلا لإيذائهن ، بل اجعلوا ما كان منها من النشوز كأن لم يكن ، (فإنّ التّائب من الذّنب كمن لا ذنب له). وقال ابن عيينة : أي لا تكلفوهن بحبكم. ه. وقال الورتجبي : إذا حصل منهن صورة طاعة الرجال فلا يطلب منهن موافقة الطباع ، فإن ذلك منازعة للقدر. قال تعالى : (لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ) ، وذكر حديث : «الأرواح جنود مجنّدة».
ثم هدد الأزواج فقال : (إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيًّا كَبِيراً) فاحذروه ، فإنه أقدر عليكم منكم على من تحت ولايتكم ، أو : إنه على علو شأنه ، يتجاوز عن سيئاتكم ، فأنتم أولى بالعفو عن نسائكم ، أو : أنه يتعالى ويكبر أن يظلم أحدا أو ينقص حقه.