أوليائه على غيره ، ومن خدم وليا من أوليائه كان هو فى رفق الولي ، وهذه إشارة لمن يخدم الفقراء ، يعلم أنه فى رفقهم ، لا أن الفقراء تحت رفقه. ه.
قال أهل التفسير : فلما رأى زكريا ما يأتى لمريم من الفواكه فى غير أوانها ، قال : إن الذي قدر على أن يأتى مريم بالفاكهة فى غير وقتها ، قادر على أن يصلح زوجتى ، ويهب لى ولدا على الكبر. فطلب الولد ، كما أشار الحق تعالى إلى ذلك بقوله :
(هُنالِكَ دَعا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ (٣٨) فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرابِ أَنَّ اللهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللهِ وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (٣٩) قالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عاقِرٌ قالَ كَذلِكَ اللهُ يَفْعَلُ ما يَشاءُ (٤٠) قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلاَّ رَمْزاً وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيراً وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ (٤١))
قلت : (هنالك) : اسم إشارة للبعيد ، والكاف : حرف خطاب ، يطابق المخاطب فى التذكير والتأنيث والإفراد والجمع فى الغالب. والمحراب : مفعال ، من الحرب ، وهو الموضع المعد للعبادة ، كالمسجد ونحوه ، سمى به ، لأنه محل محاربة الشيطان.
(والملائكة) : جمع تكسير ، يجوز فى فعله التذكير والتأنيث ، وهو أحسن ، تقول : قام الرجال وقامت الرجال ، فمن قرأ : (فنادته الملائكة) ، فعلى تأويل الجماعة ، ومن قرأ : (فناداه) ، أراد تنزيه الملائكة عن التأنيث ، ردا على الكفار. والمراد هنا : جبريل عليهالسلام كقوله : (يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ) ، (وَإِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ) ، و (بشر) : فيها لغتان : التخفيف ، وهى لغة تهامة ، تقول : بشر يبشر ـ بضم الشين فى المضارع ، والتشديد ، وهو أفصح ، تقول بشّر يبشّر تبشيرا.
يقول الحق جل جلاله ، مخبرا عن زكريا عليهالسلام : (هُنالِكَ) أي : فى ذلك الوقت الذي رأى ما رأى من الخوارق عند مريم ، (دَعا زَكَرِيَّا رَبَّهُ) ، فدخل المحراب ، وغلق الأبواب ، وقال فى مناجاته : (رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً) ، كما وهبتها لحنّة العجوز العاقر ، (إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ) أي : مجيبه فاسمع دعائى يا