قال الخليل : (خطوات الشيطان : آثاره وطرقه ، يقول : لا تقتدوا به). ه. وأصل السوء : كل ما يسوء صاحبه ويحزنه. والفحشاء : ما قبح من القول والفعل ، مصدر فحش كالبأساء والضراء واللأواء.
قال ابن عباس : (الفحشاء : ما فيه حد ، والسوء : ما لا حدّ فيه) ، وقال مقاتل : (كل ما فى القرآن من ذكر الفحشاء فإنه الزنا ، إلا قوله : (الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ) فإنه البخل). قال البيضاوي : السوء والفحشاء : ما أنكره العقل واستقبحه الشرع ، والعطف لاختلاف الوصفين ، فإنه سوء لاغتمام العاقل به ، وفحشاء باستقباحه إياه ، وقيل : السوء يعم القبائح ، والفحشاء ما تجاوز الحدّ فى القبح. ه.
يقول الحق جل جلاله : (يا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا) من جميع ما خلقنا لكم فى الأرض من نباتها مما يستطاب أكله ، وحيواناتها إلا ما حرمناه عليكم ، حالة كون ذلك (حَلالاً) قد انحلّت عنه التبعات ، وزالت عنه الشبهات ، (طَيِّباً) مستلذا يستلذه الطبع ، ويستحسنه الشرع ، (وَلا تَتَّبِعُوا) طرق (الشَّيْطانِ) فتحرّموا برأيكم ما أحلّ الله لكم ، كالبحيرة والسائبة والوصيلة والحام ، وبعض الحرث الذي جعلتموه للأصنام ، فإن ذلك من تزيين الشيطان ، وهو (لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ). ومن شأن العدو الخداع والغرور ، فإنما يأمركم بما يسوء وجوهكم من الذنوب ، وما يرديكم من قبائح المعاصي والعيوب ، (وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ) ما لا علم لكم به من تحليل الحرام ، أو تحريم الحلال ، أو ادعاء الولد أو الصاحبة فى جانب الكبير المتعال.
الإشارة : اعلم أن الحق تعالى جعل للبشرية قوتا ونعيما تتنعم به ، وجعل للروح قوتا ونعيما تتلذذ به ، فقوت البشرية الطعام والشراب ، ونعيمها : الملابس والمناكح والمراكب. وقوت الروح : اليقين والعلوم والأنوار ، ونعيمها : الشهود والاستبصار ، والترقي فى المعارف والأسرار ، فكما أن النفس تأكل مما فى الأرض حلالا طيبا ، كذلك الروح تأكل مما فى الأرض حلالا طيبا ، إلا أن أكل النفس حسى ، وأكل الروح معنوى ، وهو التفكر والاعتبار ، أو الشهود والاستبصار ، وفى ذلك يقول المجذوب رضي الله عنه :
الخلق نوّار |
|
وأنا رعيت فيهم |
هم الحجاب الأكبر |
|
والمدخل فيهم |
وقال الششترى رضي الله عنه :
عين الزّحام هو |
|
المسير لحيّنا |