ولا غير العلّة المذكورة فى المعلول وإلّا لزم ان يكون كل شىء مؤثرا فى كل شىء.
وبعبارة اخرى ان السببية وامثالها عبارة عن تأثير شىء فى الآخر وتأثره به وهى لا بد ان تكون ناشئة عن خصوصية فى السبب بها خصّص بهذا التأثير فى هذا الشىء وإلّا لزم تأثيره فى كل شىء بل كل شىء فى كل شىء فلو قلنا بانها تجعل بالجعل التشريعى بعد كونه معدوما لزم الترجيح بلا مرجح والتخصيص بل مخصص ، اذ المفروض ان الجعل التشريعى لا يتغير الشىء عما هو عليه من الذات والصفات بل كان عليه كما كان اولا وإلّا يدخل فى التكوين فيخرج عن محل النزاع.
ان قلت ذلك ينتقض بالوضع ، بان يقال ان الوضع عبارة عن تعهد الواضع لان يجعل ذلك اللفظ غالبا للمعنى الفلانى فى مقام الافادة والاستفادة فعند الاستعمال يكون اللفظ دالا على هذا المعنى بواسطة الوضع فالوضع علة لدلالة اللفظ على هذا المعنى وتفهيمه اياه وهذه العلّة انما كانت بيد الواضع فكذا معلوله مع الواسطة حيث انه قبل تعهده لم يكن كما كان بعده فصار السبب مما تطرق اليه يد الجعل ولا فرق بين الوضع وغيره فى ذلك ، قلت فرق بين ان يكون نفس الجعل سببا لشىء كما فى الوضع وبين ان يتعلق الجعل بالسبب بان يكون المجعول هو السبب وكلا منا انما هو فى الثانى دون الاول ، اذ لا نضايق لان يكون لنفس الجعل آثار وخصوصيات يترتب عليه بعد وجوده كيف والوجود لا يمكن ان لا يكون بلا اثر فالدلالة اثر نفس الجعل