قوله سبحانه : (وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي)
تواضع لله تعالى فيما نسبه من الفضيلة إلى نفسه ، وتنبيه للملك أو لسامعه أنّ هذه المكرمة بعصمة من الله سبحانه.
قوله سبحانه : (أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي)
أي أجعله خالصا لنفسي ، لا يشاركني فيه أحد ، فأنتفع به في مهامّ الملك وعظائم أموره ، لكمال علمه وعقله وأمانته ، والدليل على ذلك قوله تعالى : (وَقالَ الْمَلِكُ) حيث لم يقل قال : ائتوني به استخلصه لنفسي ، كما قال قبله : (قالَ ما خَطْبُكُنَّ إِذْ راوَدْتُنَّ يُوسُفَ)، فالأتيان بالوصف مشعر بذلك.
قوله سبحانه : (قالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنا مَكِينٌ أَمِينٌ)
التقييد باليوم للدلالة على تعليل الحكم ، أي إنّك اليوم وقد ظهر فيه كمال عقلك وأمانتك ويستقبلنا من الحوادث أعظمها وأشدّها ، وهو الجدب والغلاء الممتدّ ، الذي يحتاج إلى أحسن التدبير ، وأنصحه في إدارة الملك : (لَدَيْنا مَكِينٌ أَمِينٌ) وإطلاق المكانة والأمانة يدلّ على الشمول ، ولذلك اختار ـ عليهالسلام ـ من بين أمور الملك ما كان أهمّها عنده ، وهو كونه على خزائن الأرض ؛ لأنّه السبب الوحيد لاتصاله بالناس وبثّ فضائله بينهم ، وهو مع ذلك أهمّ الأمور وأثقلها حملا يومئذ فقال : (اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ) وعلّل سؤاله بقوله : (إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ).
قوله تعالى : (إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ)
في العلل : عن الصادق ـ عليهالسلام ـ قال : حفيظ بما تحت يدي ، عليم بكلّ