غرض يوسف أن يطّلع الملك على ما أخفي عنه من معاشقتهنّ ومراودتهنّ ، وغرض الملك أن يطّلع على نتيجة المراودة ، ولذا سألهنّ عن خطبهنّ فيما راودنه عن نفسه : (قُلْنَ حاشَ لِلَّهِ ما عَلِمْنا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ)، وعند ذلك اعترفت بما كانت تنكره ، فقالت : (الْآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ)، أي استقرّ وثبت بعد ما كان ذا ريب ، (أَنَا راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ).
قوله سبحانه : (ذلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي)
من تتّمة كلام يوسف ، وقوله تعالى قال : (ما خَطْبُكُنَّ)؛ معترض بين كلامه ، ويمكن أن يكون الوجه في الاعتراض أن يكون يوسف إنّما قاله بعد ظهور الأمر ووقوع السؤال والجواب.
وقوله سبحانه : (وَأَنَّ اللهَ لا يَهْدِي)
عطف على قوله : (أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ)، فالمعنى إنّي إنّما سألت الملك عن ذلك ليعلم أنّي لم أخنه بالغيب ، ويعلم أنّ الخيانة لا يهتدي صاحبها ولا يدوم تعميتها ، فما فعله الملك من إجابة إمرأته فيما اقترحته في أمر يوسف وسجنه وسامح في ذلك ما كان ينبغي أن يفعله ، فالباطل لا يميت الحقّ وإن ستر عليه أيّاما ، والمراد بذلك كلّه الإشارة إلى الملك فيما يجب أن يفعله من واجب الأمر بتقديم الناصح وتأخير الخائن.
وربّما يقال : إنّ قوله تعالى : (ذلِكَ لِيَعْلَمَ)، من تتمّة كلام الإمرأة ، والمضمون لا يساعد عليه وخاصّة قوله : (وَأَنَّ اللهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخائِنِينَ).