ذلك ، فإنّ أطراف قصّته من حين راودته الملكة إلى حين ما أرسل إليه الرسول ، وهو في السجن متضمّن على عامّة فضائل النفس ، وخاصّة ما يتعلّق بالاجتماع وتدبير أمور العامّة ، والاستواء على عرش الرئاسة من الأخلاق الفاضلة.
ولو أنّ يوسف ـ عليهالسلام ـ اشترط الخروج من السجن حتّى يعبّر الرؤيا التي رآها الملك ، أو أنّه خرج مع الرسول ، ثمّ سأل الملك أن يفصل فيما جرى بينه وبين إمرأته أو النسوة ، لم يجر من علّو طبعه وصبره وأناته ما كان يريد ظهوره ، ولم يقع من القبول الموقع الذي وقع عليه حين ما لقى الملك لأوّل مرة ، ولذلك لما سمع الملك ما اقترحه منه عنى بإحضار النساء وجمعهنّ ، وتكليمهنّ في أمره ، ثمّ لم يلبث دون أن تاقت نفسه ، وقال ثانيا : (ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي)، فزاد على أمره الأوّل بقوله : (أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي)، وهو الذي كان يريده يوسف ـ عليهالسلام ـ باللبث في السجن حتّى يظهر الأمر.
قوله سبحانه : (ما بالُ النِّسْوَةِ)
لم يذكر إمرأة العزيز تأدّبا معه.
قوله سبحانه : (إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ) (١)
قوله سبحانه : (قالَ ما خَطْبُكُنَّ إِذْ راوَدْتُنَ)
إنّما قال له يوسف : ما بالهنّ ، وقال هو للنسوة : (ما خَطْبُكُنَّ إِذْ راوَدْتُنَّ)؛ لأنّ
__________________
(١). بياض في النسخة ، ولعل العلّامة ـ قدسسره ـ لم يكتب فيها شيء وربّما اكتفى بما تقدم في معنى الكيد.