كقوله : (اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ) ، (١) وقوله : (ارْجِعْ إِلى رَبِّكَ) ، (٢) ولو كان راجعا إلى العزيز لكان الأنسب أن يقال : إنّه لا يفلح الخائنون كما قال : (لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخائِنِينَ) ، (٣) ولم يقل : إني لم أظلمه بالغيب إلى آخره.
قوله سبحانه : (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ)
وهو التعرّض الذي صدر منها ، حتّى آل إلى قدّ قميصه.
وقوله سبحانه : (وَهَمَّ بِها لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ)
قيّد الفعل بلو لا للدّلالة على أنّ جميع الأسباب المكتنفة بالواقعة كانت مستدعية لهمّه بها ، ولم يكن هناك إلّا الصارف الإلهي ، وإنّما أخّر القيد عن الفعل ، ولم يقل ولو لا أن راى برهان ربّه لهمّ بها للجناس البديعي ، وفي العيون : عن الرضا ـ عليهالسلام ـ : وقد سأله المأمون عن عصمة الأنبياء قال ـ عليهالسلام ـ : ولقد همّت به ولو لا أن رأى برهان ربّه لهمّ بها كما همّت به ، لكنّه كان معصوما ، والمعصوم لا يهمّ بذنب ولا يأتيه ، الحديث. (٤)
أقول : وقد قيل إنّ براءة ساحة يوسف كان من الوضوح بحيث شهد بها كلّ من شهدها أو سمع بها ، فالله ـ سبحانه ـ شهد بها إذ قال : (كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُخْلَصِينَ)، والشيطان شهد بها إذ يقول : (لَأُغْوِيَنَّهُمْ
__________________
(١). يوسف (١٢) : ٤٢.
(٢). يوسف (١٢) : ٥٠.
(٣). يوسف (١٢) : ٥٢.
(٤). عيون أخبار الرضا (ع) ١ : ١٧٩.