وقال ـ صلىاللهعليهوآله ـ : ليس العلم بكثرة التعلم وإنّما هو نور يقذفه الله في قلب من يشاء (١).
ثم إنّ فرض تحقق الغيبة فرض خروج الشيء عن الإحاطة فلا معنى للعلم بالغيب حينئذ وقد قال سبحانه : (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ) (٢) ، فجعل كلّ شيء ينسب إليه الخلق ذا قدر وحدّ ، ولا معنى لإحاطة الشيء المقدّر المحدود بما هو غائب عن ذاته خارج عن حيطته وحدّه ، قال سبحانه : (قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللهُ) (٣) ، فمن في السماوات والأرض من شيء مخلوق مقدر محدود ومؤجلّ ، قال سبحانه : (ما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَيْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى) (٤).
وأما الله جلّ شأنه فهو محيط بكلّ شيء عالم به قال تعالى : (أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ* أَلا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقاءِ رَبِّهِمْ أَلا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ) (٥) ، وقال سبحانه وتعالى : (وَأَنَّ اللهَ قَدْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً) (٦) وقال تعالى : (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ) (٧) وقال تعالى : (وَما يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) (٨).
فلا يغيب عنه ولا يبعد منه ولا يخرج عن إحاطته وعلمه شيء ، وحفظ هذه
__________________
(١). منية المريد : ١٦٧ ؛ مصباح الشريعة : ١٦ ؛ بحار الأنوار ٦٧ : ١٣٩.
(٢). القمر (٥٤) : ٤٩.
(٣). النمل (٢٧) : ٦٥.
(٤). الأحقاف (٤٦) : ٣.
(٥). فصلت (٤١) : ٥٣ ـ ٥٤.
(٦). الطلاق (٦٥) : ١٢.
(٧). الحديد (٥٧) : ٤.
(٨). يونس (١٠) : ٦١.