يشير ما في تفسير القمي في الآية قال : قال : لا يعلمون أنّ الآية إذا نزلت (١). ولم يؤمنوا بها لهلكوا (٢).
ثم إنّ قولهم : (لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ) بعد ما نزل عليهم القرآن وهو الآية المعجزة الباهرة ، وقد تحدّى به الرسول فلم يقدر على مقاومتها أحد ، وبعد ما تلى عليهم القرآن آيات الله من سماء وأرض وما بينهما من خلق وتصريف ، فقولهم : (لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ) في هذا الموقف ليس إلّا أنّه لا يعتنون بهذه الآيات الباهرة ويهملون ذكرها من أصلها فلم تبق فائدة في مخاطبتهم ولا جدوى لمشافهتهم ، لأنّهم لا يرون شيئا من الآيات آية وإن تفوّهوا بلفظه واعترفوا بمفهومه ، لكن لا يرون له مصداقا.
ولهذا أجابهم بقوله : (قُلْ إِنَّ اللهَ قادِرٌ عَلى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً) فأجاب بقدرة الله عليها ، وأكّده ب : (إِنَ) ، لكونهم في مقام الإنكار ، ولم يزد على أصل القدرة شيئا ولم يذكر أنه هل نزّل شيئا أو هل سينزل أو لا ينزّل لعدم إجدائه لهم شيئا وإنما ذيّله بقوله : (وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) وعند ذلك سقط خطاب النبيّ لهم ، ولذلك أخذ سبحانه يخاطبهم من غير وساطة النبي في الآيتين التاليتين.
قوله سبحانه : (وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ)
ذكر الوصفين ، أعني قوله : (فِي الْأَرْضِ) وقوله : (يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ) لتحقيق الموصوفين وتثبيتهما كما في كل وصف لازم لموصوفه ، كقولنا : الشمس مضيئة والبدر منير ومن هذا الباب أيضا أمثال قوله تعالى : (وَالسَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ *
__________________
(١). في المصدر : «جاءت»
(٢). تفسير القمي ١ : ١٩٨.