أقول : وروى مثله القمّي في تفسيره ، عن الصادق (١) ـ عليهالسلام ـ ، وهو من الجري.
وفي تفسير القمي : عن أبي بصير ، عن أبي عبد الله ـ عليهالسلام ـ قال : «إنّ الله يعفو يوم القيامة عفوا لا يخطر على بال أحد حتى يقول أهل الشرك : (وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ)» (٢).
أقول : إنّه سبحانه إنّما أثبت كذبهم على أنفسهم ، ولم يثبت كذب قولهم ، كيف وهو سبحانه القائل : (فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ) (٣) ، فهم على كونهم مشركين في الظاهر غير مشركين بحسب الفطرة ، فقولهم هذا ميل وانتزاع منهم إلى أصل الفطرة وحكم الحقيقة لكن الأوزار التي حملوها على ظهورهم لا تخلّيهم أن يرتقوا إلى مرتقى الصالحين ، وهذا هو الطمع المذكور في الرواية ، فتدبّر.
قوله سبحانه : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً) لمّا بيّن سبحانه أنّ أمام المشركين يوما يشاهدون فيه بطلان ما يشهدون به في الدنيا ، أخذ في بيان وبال هذا الشرك وعاقبته وهي النار ، غير أنّ ذلك وبال حملوه إلى تلك الدار من هذه النار ، وإنّما الفرق بالخفاء والظهور فهم يهلكون أنفسهم في هذه الدار بشركهم وعتوّهم ، وإن لم يشعروا به لخفائه وغفلتهم ، وسيشاهدونه إذ لا ينفعهم التمنّي.
__________________
(١). تفسير القمي ١ : ١٩٩.
(٢). لم نعثر عليه في المصدر ، لكنّه موجود في تفسير العياشي ١ : ٣٥٧ ، ١٥ ؛ الخرائج ٢ : ٦٨٦ ؛ الصراط المستقيم ٢ : ٢٠٩ ، الحديث : ٢٨.
(٣). الروم (٣٠) : ٣٠.