في ذلك اليوم الذي مقداره خمسون ألف سنة فجمع الله الخلائق في ذلك اليوم في موطن يتعارفون فيه فيكلّم بعضهم بعضا ويستغفر بعضهم لبعض ، أولئك الذين بدت منهم الطاعة من الرسل والإتّباع ، وتعاونوا على البّر والتقوى في دار الدنيا ، ويلعن أهل المعاصي بعضهم بعضا من الذين بدت منهم المعاصي في دار الدنيا وتعاونوا على الظلم والعدوان في دار الدنيا والمستكبرون منهم والمستضعفون [يلعن] بعضهم بعضا ويكفّر بعضهم بعضا ، ثم يجمعون في موطن يفرّ بعضهم من بعض ، وذلك قوله : (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ* وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ* وَصاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ) (١) إذا تعاونوا على الظلم والعدوان في دار الدنيا (لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ) (٢).
ثم يجمعون في موطن [يبكون فيه] فلو أنّ تلك الأصوات بدت لأهل الدنيا لأذهلت جميع الخلائق عن معائشهم وانصدعت قلوبهم (٣) إلّا ما شاء الله ، فلا يزالون يبكون حتى يبكون الدم ، ثم يجتمعون في موطن يستنطقون فيه فيقولون : (وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ) ، ولا يقرّون بما عملوا فيختم على أفواههم ويستنطق الأيدي والأرجل والجلود فتنطق ، فتشهد بكل معصية كانت (٤) منهم ، ثم يرفع [الخاتم] عن ألسنتهم فيقولون لجلودهم وأيديهم وأرجلهم : (لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا) فتقول : (أَنْطَقَنَا اللهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ) (٥) ، ثم يجتمعون في موطن يستنطق فيه جميع الخلائق ، فلا يتكلّم أحد (إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ
__________________
(١). عبس (٨٠) : ٣٤ ـ ٣٦.
(٢). عبس (٨٠) : ٣٧.
(٣). في المصدر : «وصدعت الجبال»
(٤). في المصدر : «بدت»
(٥). فصلت (٤١) : ٢١.